Site icon IMLebanon

حكومة تصريف الأعمال عمرها طويل.. وشبح الفراغ يطل برأسه من بعبدا

 

لبنان أمام خمسة أشهر صعبة.. والدعوة إلى هيئة حوار باتت أكثر من ملحّة

 

 

يتقاطع الكثير من المعلومات والمعطيات عند توصيف الوضع في لبنان بأنه غير مريح، وأنه ينذر بمخاطر تكاد تكون الأعلى منسوباً منذ عدّة سنوات، خصوصاً وأن الاشهر الخمسة المقبلة والتي تفصلنا عن نهاية العهد تحمل أكثر من استحقاق وتحدٍّ لا يقوى لبنان على التعامل معها بشكل طبيعي بفعل الأزمات «العنكبوتية» التي تحيط به أكثر من جهة.

 

وإذا كان الاختبار المتعلق بانتخاب رئيس مجلس النواب نبيه برّي للمرة السابعة قد مرّ بنجاح وكذلك المطبخ التشريعي رغم كل ما أحاط بهذا الاستحقاق من تأويلات واجتهادات بفعل الاعتراضات التي ظهرت على مسألة انتخاب الرئيس نبيه برّي، فإن الاستحقاق الثاني المتمثل بتأليف الحكومة الجديدة لن تكون المناخات السياسية التي حكمت الانتخابات تحت قبة البرلمان هي نفسها التي ستظلِّل تأليف الحكومة وتجعلها تبصر النور في وقت قريب.

وقد ذهب البعض إلى حدّ الجزم بأن الحكومة الحالية ستبقى في اطار تصريف الأعمال الى نهاية العهد، فيما ذهب بعض المتابعين لمسار الوضع السياسي الراهن الى التأكيد بأن الانشطار العامودي والأفقي الذي يضرب الساحة الداخلية يجعل من أمر السرعة في تأليف الحكومة أمراً مستحيلاً، وهم يرون أن مهمة تصريف الأعمال في الظروف الراهنة غير مستحبة كون ان مواجهة الازمات التي يعيشها لبنان تتطلَّب وجود حكومة مكتملة الاوصاف، وبما أن هناك صعوبة كبيرة في امكانية التفاهم على توليفة حكومية جديدة في وقت سريع، فمن غير المستبعد أن يلجأ الرئيس نجيب ميقاتي الى إعادة طلب ثقة المجلس النيابي بالحكومة الحالية من جديد، وفي حال تمت تلبية هذا المطلب الذي يخضع إلى الكثير من الدرس والتمحيص لايجاد المخرج القانوني والدستوري له سيعاد تفعيل هذه الحكومة ليصبح في امكانها الانعقاد واتخاذ القرارات.

وفي اعتقاد هؤلاء أن هذا التوجه هو الأسلم على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، لتجنب تفاقم الازمات الموجودة، لا سيما وأن هناك استحقاقات مهمة تتطلّب سرعة في المقاربة وفي أولوية ذلك المفاوضات المستمرة مع صندوق النقد الدولي، ناهيك عن رفض المجتمع الدولي مساعدة لبنان ما لم يكن هناك حكومة تنجز ما عليها من إصلاحات ملزمة لشق الطريق باتجاه المساعدات الدولية.

ويدعو هؤلاء إلى وقف تصفية الحسابات السياسية التي ظهرت جلياً في الانتخابات النيابية والتوجه صوب انجاز الاستحقاقات الدستورية بالسرعة الممكنة، كون أن ما يمر به لبنان على كافة المستويات لا يحتمل ترف النكد السياسي، وانتظار كل فريق سياسي الفريق الآخر على الكوع بهدف الانتقام.

 

الانتخابات النيابية لم تفرز قوى سياسية جديدة قادرة على إحداث التغيير

 

ويخشى هؤلاء أن ينتقل لبنان من حال الانهيار إلى الارتطام الكبير في حال لم تحصل أية ضغوط إقليمية ودولية في اتجاه إحداث تغييرات في الواقع السياسي المأزوم والحؤول دون بقاء الاستحقاقات مجمدة إلى ما شاء الله.

وفي هذا السياق فإن مصادر سياسية عليمة ترى أنه في ظل المعطيات الموجودة على أكثر من صعيد لن يكون هناك حكومة جديدة في المدى المنظور، لا بل اننا سنكون امام حكومة تصريف أعمال، وفي حال كان عمر هذه الحكومة طويلاً الى حين انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وتعذر انتخاب رئيس في الموعد الدستوري المحدد، فإنه يُخشى أن لا يعود هناك سلطة في البلد، باعتبار أن حكومة تصريف الاعمال لا يمنحها الدستور حق أن تستلم السلطة في حال تعذر انتخاب رئيس للبلاد، وربما يؤدي هذا الحال الى اعلان حال الطوارئ وتسلم زمام الامور ساعتئذ الى الجيش لإدارة شؤون البلاد.

وتعتبر هذه المصادر أن الانتخابات النيابية التي حصلت مؤخراً لم تفرز قوى سياسية جديدة لديها القدرة على التغيير، وهو ما يبعث علىالخوف من أن نكون أمام سيناريو تعطيلي يزيد الطين بلة على المستويات السياسية والمعيشية والاقتصادية وربما الأمنية.

وبما أن أحداً من الأفرقاء لم يحسم الاكثرية النيابية لصالحه، فإن هذا الموضوع في تقدير المصادر سينساب على الحكومة لناحية التكليف والتأليف، وكذلك على الانتخابات الرئاسية وبالتالي على أمر الاصلاحات والمفاوضات مع المجتمع الدولي طلباً للمساعدة، وعلى الوضع الامني الذي يبقى مفتوحاً على تطورات المنطقة، سيما وأن لبنان يعيش هذه الآونة في عين العاصفة الاقليمية والدولية وأي تطور سلبي في هذا المجال سيكون له تأثير كبير على الواقع اللبناني الذي هو في الاساس يعيش حالة هشة يقف معها على عتبة الانزلاق الى الفوضى، اذ أن هذا الامر سيترجم تدهوراً اقتصادياً واجتماعياً لن يكون في مقدور أحد لجمه، وهذا في حال حدث سيفرز قوى أمر واقع اقتصادية ومالية أخطر بكثير من قوى الامر الواقع التي تعودنا عليها إبان الاحداث في لبنان.

وفي رأي هذه المصادر أن ما رشح قبل وخلال وبعد الانتخابات النيابية بيّن بأن القيادات السياسية في لبنان ليست على حجم المرحلة، وهي عاجزة عن مقاربة أي استحقاق كون أن الانقسام بين هذه القوى هو الطاغي في الوقت الذي تتطلب فيه مواجهة الازمات التوحد الابتعاد عن أي مناكفات سياسية والإلتقاء على مصلحة البلاد والعباد بعيداً عن الشخصانية والمصالح الضيقة.

من هنا فإن المصادر التي ترى أن انتخاب رئيس جديد للبنان لن يكون مزروعاً بالورد والياسمين ترى انه يفترض برئيس الجمهورية وبغض النظر عن كونه محسوباً على فريق سياسي معيّن أن يتحول في الاشهر الاخيرة المتبقية من عهده الى رئيس جمهورية فوق الجميع وأن يبادر الى الدعوة الى انعقاد هيئة حوار مهمتها وضع ضوابط للعلاقات بين السياسيين لتأمين استمرار الشرعية لأن الكلام عن التقسيم أصبح دارجاً ولم يعد عقدة أو ممنوعاً كما كان عليه الحال في العقود الماضية.