IMLebanon

انسداد شرايين التفاهم يطرح خيار الإبقاء على حكومة ميقاتي معدَّلة

 

دخول مبكر للعبة «الفيتوات» علی خط التكليف والتأليف

 

 

في الوقت الذي ينشغل فيه المسؤولون في متابعة زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، وما ستفضي إليه جولة هذا الوسيط على المسؤولين اللبنانيين في ما خص الخلاف الحاصل حول المنطقة التي تستعد اسرائيل لاستخراج الغاز منها، فإن الأنظار أيضاً لم تغفل عن الاتصالات والمشاورات التي تجري في السر والعلن حول تأليف الحكومة العتيدة، لا سيما وأن تعقيدات قوية بكّرت في الظهور حول هذا الاستحقاق من بينها الفيتو الذي سارع الى وضعه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حول اسم الرئيس نجيب ميقاتي، اضافة إلى الشروط حول توزيع الحقائب الوزارية.

 

واذا كان ثمة دعوة وحث من أكثر من دبلوماسي عربي وأجنبي بضرورة الاسراع في تأليف الحكومة بعد أن اكتمل العقد التشريعي، بالاضافة إلى وجود العديد من الملفات والاستحقاقات الداخلية والخارجية التي تحتاج مقاربتها ومعالجتها إلى وجود حكومة مكتملة الاوصاف، فإنه لم يبرز في الأفق ما يؤشر إلى قرب دعوة رئيس الجمهورية الكتل النيابية إلى الاستشارات الملزمة في القصر الجمهوري حول الشخصية التي يمكن ان تكلف لتشكيل الحكومة، وإن كان الرئيس عون قد أبلغ زواره أن هذه الدعوة ستتم بأسرع وقت نظراً للاستحقاقات التي تنتظر الحكومة الجديدة.

ويظهر من خلال المسار الذي تسلكه الاتصالات الجارية أن هناك كباشاً قوياً يحصل بين الرئيس نجيب ميقاتي الذي ما يزال الأوفر حظاً لتولي مهام الحكومة المقبلة، وبين النائب جبران باسيل، في ضوء الرفض المطلق الذي يبديه ميقاتي تجاه أي التزامات سيسعی إليها باسيل في ما يتعلق بشكل الحكومة وتوزيع الحقائب، وقد أبلغ الرئيس ميقاتي من يفهم الأمر بأنه ليس بوارد تقديم أي التزامات لأحد، كما انه يرفض رفضاً باتاً أي محاولة لابتزازه كونه لا يلهث وراء رئاسة الحكومة، وإنه وإن قبل بتولي رئاسة الحكومة الجديدة فإنه من باب تحمل المسؤولية الوطنية في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان.

وفي تقدير أوساط سياسية متابعة أن الملف الحكومي معقد كثيراً، وأنه وإن تمّ الاتفاق على اسم شخصية لتولي رئاسة الحكومة فإن مهمة التأليف ستكون صعبة وشاقة،، لا سيما وأن الاصطفافات السياسية التي بدأت تولد بعد أن وضعت الحرب البرلمانية أوزارها من خلال اكتمال العقد التشريعي بدءاً من انتخاب رئيس وصولاً إلى انتخاب اللجان النيابية، لا توحي بأن الاوضاع على الساحة الداخلية ستكون سالكة وآمنة، بل ان هناك من يتوقع حصول اشتباكات سياسية من العيار الثقيل تجعل الداخل اللبناني عرضة لتداعيات خطيرة في ظل التدهور الحاصل على كل الجهات الاقتصادية والمعيشية والمالية، ناهيك عمّا يحصل على المستويين الاقليمي والدولي وتأثير ذلك على الواقع اللبناني.

من هنا فإن هذه الأوساط ترى أن المرحلة المقبلة التي ستلي انتهاء مهمة الوسيط الأميركي في بيروت ستكون حبلى بالتجاذبات السياسية والكباش بين أكثر من فريق، لا سيما وأن معظم الملفات المطروحة هي مدار خلاف سياسي بفعل الانقسام العامودي والافقي الذي تشهده الساحة اللبنانية، وهذه التجاذبات ستؤثر بشكل فعلي وكبير على الاستحقاق الحكومي.

 

دبلوماسيون أبلغوا عون ضرورة وجود حكومة مكتملة الأوصاف لمواكبة المرحلة المقبلة

 

وأمام هذا الواقع غير المريح لموضوع تأليف الحكومة والإنسداد الحاصل في شرايين التواصل بين القوى السياسية حول هذا الاستحقاق، فإن هناك من الأفرقاء السياسيين من يحبذ الإبقاء على حكومة تصريف الاعمال إلى حين انقشاع الرؤية على المستويين المحلي والدولي، كون أن الاضرار التي يُمكن أن تنشأ من البقاء في دائرة تصريف الأعمال أقل بكثير من تعريض الساحة الداخلية لخضات سياسية نتيجة عدم التفاهم على تأليف الحكومة وما يُمكن أن يتركه ذلك من آثار مدمرة وخطيرة على المستويين الاقتصادي والمالي، في ظل الحديث عن انه في حال حصول ما يؤدي إلى ارتفاع جديد في سعر صرف الدولار، فإن ذلك لن يكون له أي سقف هذه المرة، وبالتالي سيكون لهذا الامر تداعيات لن يكون في قدرة أحد على تحمل وزرها.

ad

غير أن مصادر وزارية رأت أنه رغم الضبابية الموجودة حول ملف التأليف، فان الأبواب غير مؤصدة أمام المخارج التي يُمكن اللجوء إليها لإنجاز هذا الاستحقاق، وأن تأخذ الأمور مسارها الطبيعي في التكليف والتأليف.

وتنقل هذه المصادر عن الرئيس ميقاتي قوله أن مسألة تأليف الحكومة الجديدة ما تزال في الإطار الطبيعي حيث تعوّد اللبنانيون على المناخات التي تحيط بعملية تأليف أية حكومة، وأن هناك من الحكومات التي استغرقت أشهراً أسيرة مخاض التفاوض السياسي قبل أن تولد، وأنه في حالتنا الراهنة ما زلنا ضمن الوقت الطبيعي، وإن كنا نستعجل الرئيس عون الدعوة للاستشارات الملزمة باعتبار أن التحديات الداخلية والخارجية لا تحتمل الكثير من التأخير في تأليف حكومة تكون قادرة على مجابهة التحديات والاستحقاقات داخلية كانت أم خارجية.

وصارح الرئيس ميقاتي زواره وفق الأوساط السياسية بأنه حتى الساعة هو الأوفر حظاً للتكليف وأنه لا يمانع من خوض غمار هذه المهمة في حال كان ذلك مطلب الكتل النيابية، مشيراِ إلى انه في حال كلّف أمر التأليف فإنه يحبذ أن يُبقي على الحكومة الحالية مع إمكانية حصول بعض التعديلات على بعض الحقائب، كون أن مكونات الحكومة الحالية كانت منسجمة ونجحت في تحقيق الأهداف التي جاءت لأجلها وفي طليعتها اجراء الإنتخابات النيابية، ووضع خطة التعافي، مستطرداً انه رغم هذه الأجواء فنترك الأمور تأخذ مسارها الطبيعي وفي ضوء ما ينجم من نتائج يُبني على الشيء مقتضاه..