رئيس الحكومة المكلّف يُقدّم التشكيلة الى رئيس الجمهوريّة خلال أيام
ينصرف الرئيس نجيب ميقاتي الى اجراء جوجلة لاجواء ونتائج الاستشارات النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة على مدى اليومين الماضيين، على ان يستكمل المشاورات التي بدأها سعيا الى الانتهاء من انجاز تشكيلته في غضون أيام قليلة.
وخلال اليوم الثاني من الاستشارات، قال ميقاتي امام أحد النواب الذين التقاهم انه يسعى الى الاسراع في تشكيل الحكومة، خصوصا ان اللبنانيين يأملون بولادة حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن.
وخرج معظم النواب بانطباع من الصالون الذي اجرى فيه رئيس الحكومة المكلف استشاراته في مجلس النواب، بأنه عازم على تقديم تشكيلته الحكومية لرئيس الجمهورية في غضون أيام وليس اسابيع، لأننا لا نملك ترف الوقت. لكنهم لمسوا رغم تغليبه الجانب التفاؤلي ان ميقاتي يدرك حجم وصعوبة مهمته، لا سيما ان هناك كتلا وفرقاء لا يرغبون في المشاركة في الحكومة، لكنه يعوّل في الوقت نفسه على ان هناك حاجة يعترف بها الجميع لاستكمال ما بدأته الحكومة الحالية في شأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وموضوع الكهرباء وخطة التعافي وترسيم الحدود البحرية وغيرها.
وخلال الاستشارات برزت ثلاثة محاور للمواقف من الحكومة:
1ـ فريق يدعو لحكومة جامعة او حكومة وحدة وطنية قادرة وفاعلة لمواجهة الازمة والاستحقاقات في هذه المرحلة، وفي مقدمه ثنائي «أمل» وحزب الله.
2ـ فريق يؤيد تشكيل حكومة بتوازن جديد يأخذ بعين الاعتبار تخفيض حجم استئثار التيار الوطني الحر بالحصص وبعض الوزارات، خصوصا وزارة الطاقة، وفي مقدمة هذا الفريق النواب السنّة المستقلين او الذين يدورون في فلك «تيار المستقبل».
3ـ اما الفريق الثالث، فيبدو واضحا انه لا يريد المشاركة في الحكومة بأي شكل من الاشكال، ويفضل ان يكون في صفوف المعارضة تحضيرا للاستحقاق الرئاسي، وتبرز «القوات اللبنانية» على رأس هذا الفريق، كما ان نواب «التغيير» يسيرون على النهج نفسه، ولكن لاسباب واعتبارات اخرى.
وأمام هذا المشهد المعقد، يجد ميقاتي نفسه في مهمة صعبة، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بأنه ذاهب الى تشكيلة حكومية عبارة عن تعديل او ترميم الحكومة الحالية، مع العلم ان مثل هذه الصيغة ستواجه الامتحان نفسه امام المجلس النيابي كما الحكومة الجديدة بكل وزرائها.
ووفقا للاجواء النيابية، فان رئيس الحكومة المكلف يضع نصب عينيه الاسراع في تقديم التشكيلة الحكومية لرئيس الجمهورية، ليس من باب رمي الكرة في مرمى بعبدا، وانما لقناعته بأن الفترة القصيرة التي تفصلنا عن الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية تشرين الاول المقبل، تفرض تشكيل الحكومة الجديدة في غضون ايام وليس اسابيع.
ويقول مصدر نيابي ان ميقاتي في مهمته المتجددة ظهره للحائط، فهو يرغب برئاسة حكومة جديدة اصيلة، لكنه اذا ما تعذر تحقيق هذا الهدف يبقى رئيسا لحكومة تصريف الاعمال وما يمكن ان تحققه على صعيد الاجراءات والقرارات المتصلة بوقف الانهيار.
وفي هذا السياق، نقل النائب جان طالوزيان أمس، ان ميقاتي وضع تعديلات على خطة التعافي سيعرضها على لجنة المال والموازنة في اجتماعها غدا في مجلس النواب.
– تصريح ميقاتي –
وفي ختام الاستشارات بعد ظهر أمس ادلى ميقاتي بتصريح مقتضب قال فيه: «استمعت الى السادة النواب واستأنست بآرائهم، وسنأخذ بقسم كبير من الحديث الذي قيل. والأهم اننا جميعا نعرف الوضع السائد في البلد، ونعرف ان النصائح والاراء التي اعطيت خلال الاستشارات كانت تصب في المصلحة الوطنية، رغم انه احيانا تكون من زوايا مختلفة».
اضاف: «في النهاية المصلحة الوطنية ستتغلب على كل شيء، وسنشكل باذن الله حكومة تستطيع ان تقوم بواجبها، وتستكمل ما بدأته حكومتنا خصوصا مع صندوق النقد الدولي وفي ما يتعلق بخطة الكهرباء وملف ترسيم الحدود البحرية. هذا كان مجمل المناقشات وان شاء الله ترى الامور النور بطريقة سليمة».
وقبل ان يبدأ استشاراته امس قال ميقاتي: «تفاؤلوا بالخير تجدوه».
– اليوم الثاني للاستشارات –
-استهل ميقاتي اليوم الثاني من استشارات تشكيل الحكومة بلقاء النائب فؤاد مخزومي الذي طرح سلسلة اسئلة تتعلق بالمواقف من ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، والمحاصصة، وهل يتضرر المودعون في خطة التعافي، واستقلالية القضاء، وترسيم الحدود البحرية.
وقال: «اذا لم تعط الحكومة اجوبة حول هذه الاسئلة تكون استمرارية لسياسة المحاصصة»، مؤكداً انه لن يشارك في الحكومة.
-النائب حسن مراد تمنى التوفيق لميقاتي في الاسراع بتشكيل الحكومة، مطالبا «بحكومة وحدة وطنية لمشاركة كل الافرقاء»، ورافضا ان يزايد احد على الشعب «لأنه لم يعد قادرا على تحمل المزايدات السياسية». كما طالب «بخطة طوارىء سريعة لانقاذ البلد، وان يتضمن البيان الوزاري حق لبنان في حماية حدوده وثرواته، واعادة وزارة التخطيط».
-النائب جان طالوزيان طالب «بالاسراع في تشكيل حكومة مصغّرة من الآن حتى نهاية الاسبوع، وان يصارح الرئيس ميقاتي اللبنانيين بشأن سبب عدم تشكيل الحكومة اذا لم يتمكن من تشكيلها».
ونقل عن ميقاتي بانه وعد بتعديلات على خطة التعافي سيعرضها يوم غد الخميس على لجنة المال والموازنة.
-وتمنى النائب عبد الرحمن البزري ان «تتعامل الحكومة بايجابية مع الملفات الحياتية والمعيشية، وان ننتقل الى مرحلة حقيقية توضع فيها حلول للبلد».
-ورأى النائب اسامة سعد «ان الحياة في لبنان هي المحال، ولعلّ الآتي اعظم»، معددا معاناة اللبنانيين على الصعد كافة. وقال «العجيب ان من هم في مراكز القرار يطالبون بحقوق الشعب، يا للكذب. النتيجة مقدرة استمرار تصريف الاعمال او حكومة محاصصة، وهذا يعني اننا ما زلنا على طريق الازمات والفشل». ودعا الى «حوار وطني داخل وخارج المجلس يؤدي الى حكومة انتقالية مستقلة لفترة محددة وبصلاحيات تشريعية محددة».
– النائب جهاد الصمد قال: «لم اتكلم مع دولة الرئيس بمسألة تشكيل الحكومة لعلمي صعوبة التشكيل لا بل استحالته في ظل سياسة النكد القائمة، وطالبت باعادة احياء الحكومة الحالية او التوسع في تصريف الاعمال باعتبار ان الضرورات تبيح المحظورات». ورأى انه لم يبق من الدولة الا مؤسسة الجيش.
-وطالب النائب فراس السلّوم بمقعد وزاري للطائفة العلوية، وانصاف العلويين بمناصب في الدولة.
– وربط النائب ايهاب مطر منح الثقة بالحكومة بالبيان الوزاري وكفاءات الوزراء، وان تقدم خطة التعافي حلولا للازمات القائمة.
-النائب بلال الحشيمي طالب بالاسراع في تشكيل الحكومة، وقال «ان عدم المشاركة في الحكومة هو خيار خاطىء»، آملا في الكتل النيابية التعاون لتشكيل الحكومة الجديدة.
-النائب نبيل بدر قال انه تمنى على ميقاتي الا يلتفت الى مطالب بعض الكتل لتكبير حصتها، واذا قبل بذلك فنحن لا نقبل ولا نعطي الثقة، واكد على ان مهمة الحكومة الجديدة اعادة الثقة بالمؤسسات، مطالبا باعادة هيكلة الدولة.
-وشدد النائب عبد الكريم كبارة على تشكيل حكومة باسرع وقت ممكن لمواجهة الازمات المعيشية، حكومة تأخذ قرارات لا سيما في شأن الكهرباء وخطة التعافي ووقف الانهيار الذي هو مسؤولية الجميع.
– وتمنى عضو «تكتل لبنان القوي» محمد يحيى الذي انفرد بتسمية ميقاتي التوفيق له بتشكيل حكومة جديدة تعمل لمصلحة البلد.
– وطالب النائب شربل مسعد بحكومة مستقلة تعطى صلاحيات استثنائية.
-وتغيب عن المشاركة في الاستشارات النائبان اشرف ريفي وجميل السيد.
-وتمنى النائب اغوب بقرادونيان باسم كتلة نواب «الطاشناق» تأليف الحكومة باسرع وقت ممكن، مطالبا يمقاتي عدم الدخول في الشروط والشروط المضادة، وان لا نراهن على تأجيل الاستحقاق الرئاسي. واعرب عن استعداد الكتلة على المشاركة في الحكومة دون الدخول في تفاصيل الحقيبة التي ستتولى مسؤوليتها.
-وكان اللقاء الاطول في استشارات الأمس مع «تكتل لبنان القوي» برئاسة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي ادلى بتصريح مطول بعد اللقاء عرض فيه لما طرحه التكتل لميقاتي ، وقال انه تمنى التوفيق للرئيس ميقاتي في الاسراع بتشكيل الحكومة. واضاف «اية حكومة منزوعة الصلاحيات لسنا معها، وهناك مشكلة حقيقية بميثاقية التكليف، ولكن من حرصنا على البلد تغاضينا عن هذا المشكل»، واشار الى «اننا لم نناقش بعد المشاركة في الحكومة، وهذا يطرح للبحث على ضوء برنامج الحكومة والوزراء».
وشدد على امور عديدة منها ما يتعلق بالاتفاق مع صندوق النقد وخطة التعافي والكابيتال كونترول والموازنة، واعادة هيكلة القطاع المصرفي.
واضاف: «اما الموضوع الآخر الذي ناقشناه هو حاكمية مصرف لبنان، وهناك تقرير قضائي لا تتم ملاحقته بل تمنع ملاحقته»، متهما المدعي العام التمييزي بتعطيل العدالة وبمنع القضاة من احالته، ومعتبرا ان هذا القرار هو قرار سياسي وليس قرارا قضائياً».
وبشأن موضوع ترسيم الحدود البحرية قال باسيل: «ان لبنان يجب ان يعطي كل فرص الحل ولكن اذا استمرت اسرائيل بحجبها يجب ان نذهب الى الخط 29».
وحول قضية النازحين السوريين، قال: ان موقف دولة الرئيس ميقاتي الاخير هو جيد، ولكن كان يجب ان يكون منذ 11 سنة، محذرا من النيّة الدولية بابقائهم في لبنان، ويجب نزع صفة اللاجيء عن ما هو غير لاجىء مما يعيد قسما كبيرا من اللاجئين السوريين الى بلادهم.
وقال انه لا يرى ان كل هذه الامور التي عرضها ستنفذ، ملمحا الى عدم المشاركة في الحكومة في مثل هذا الحال.
واضاف «لم نتقدم بطلب او بحقائب معينة او باسماء وان كل ما يقال في هذا المجال هو كذب». ولفت الى انه «لا يجب الرهان على ان نبني حكومة على اساس فراغ رئاسي فنحن نقوم بكل شيء من جهتنا كي نمنع الفراغ الرئاسي».