يتعذر تعداد «إنجازات» هذه الحكومة التي لا تزال تتمادى في فرض الأعباء على المواطنين، الى درجة غير مسبوقة، بما يفوق طاقة اللبناني حتى في أيام الازدهار، فكم بالحري في هذه المرحلة شديدة الضغط والوطأة، بما يعجز كاهل الناس عن تحمله!
أمس استيقظ اللبنانيون على تنفيذ قرار وزير الاتصالات الذي لم نكن نعرف (أقله لم نكن نشعر) بوجوده، لولا هذه «المأثرة» الفظيعة التي طلع بها علينا بهذه الزيادة الهمايونية على تسعيرة الخدمات بالهاتف الخلوي، اذ انه رفعها أضعافاً مضاعفة، حتى صار أدنى حدود هذه الخدمة يوازي الحد الأدنى للأجور.
وتعود بنا الذاكرة الى ذلك السابع عشر من تشرين عندما تدفق الناس الى الشارع، مدفوعين بشعارات برّاقة، وراءها أهداف مختلفة (ولن نزيد اليوم)، وكان صاعق التفجير القرار الذي اتخذه وزير الاتصالات، في حينه، بزيادة ستة سنتات على دقيقة التخابر بالخلوي. فأُُقيمت الدنيا ولم تُقعد، وكان ما كان ما أدى الى تظهير هذه الكارثة الاقتصادية والمالية التي استجرّوا البلد اليها، وقضوا على الأمن الاجتماعي، وأسقطوا اخر مقومات العيش الكريم في هذا الوطن المنكوب وهذا الشعب البائس.
والسؤال يطرح ذاته تلقائياً: أين هم اولئك الأشاوس في هذا الحين؟ أين هم والسنتات الستة باتت في الزيادة الجديدة ما يتجاوز المعقول؟ أين نوابهم الذين غزوا مجلس النواب ليصح فيهم أن «روما من فوق غير روما من تحت»؟ وهل ان كل ما عاناه اللبنانيون جراء تلك التحركات من كوارث وفقر وجوع وقهر وإذلال(…) كان فقط لتصل حفنة منهم الى مجلس النواب؟ أو أن مفعول «المحرِّك» قد توقف؟!.
و أخيراً وليس آخراً هل ثمة مَن ينبئنا عن أمر في غاية البساطة، في السؤال الساذج الآتي: لماذا، في بلدان العالم كلها يُحتسَب بدَل التخابر بالخليوي بالدقائق مع حفظ كسر الدقيقة بالثواني لمصلحة المشترك، إلّا عندنا في لبنان حيث تُحتسب الكسور ضد المشترك؟ بمعنى أنك إذا تكلمت هناك كذا دقيقة وثانية فأنت تدفع عن الكذا دقيقة وثانية واحدة ويُحفظ حقك في الـ٥٩ ثانية المتبقية لتدخل في المخابرة التي تُجريها لاحقاً. بينما عندنا تُحتسب الثانية دقيقة كاملة!