Site icon IMLebanon

ميقاتي يطمئن القيادات المسيحية: الحكومة لن تستفزّكم

 

باتت البلاد من دون رئيس جمهورية ومع حكومة تصريف أعمال، ما يعني غياب سلطة تنفيذية فعلية بمقدورها إتخاذ قرارات حاسمة في الملفات الملحّة.

 

قد يكون وجود سلطة أو غيابها سيّان بالنسبة للبنانيين الذين فقدوا الأمل بأي تغيير منشود، خصوصاً وأن وجود رئيس جمهورية وحكومات لم يعالج الأزمات بل عمّقها، وبات اللبناني يرزح تحت ثقل الفقر والجوع واللاإستقرار، وحلمه الوحيد هو الهجرة.

 

لحظة الدخول في الفراغ الرئاسي في تشرين الثاني من العام 2007، كانت هناك حكومة شرعية على رغم مقاطعة الوزراء الشيعة لها، فقام حينها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بزيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ووعده بعدم القيام بأي خطوة تنتقص من عدم وجود رئيس جمهورية أو تمسّ بصلاحياته، مع أن الدستور واضح وينصّ على أن صلاحيات الرئيس تنتقل إلى مجلس الوزراء مجتمعاً.

 

وفي التجربة الثانية، أي في أيار 2014، إستلمت حكومة الرئيس تمام سلام صلاحيات رئيس الجمهورية نتيجة الفراغ الذي ضرب الموقع الأول في الدولة، عندها تكرّس عرف مغاير، فظلت الحكومة تجتمع برئاسة سلام، لكن كلّ قرار كان يحتاج إلى توقيع الـ24 وزيراً، ولذا سميت حكومة الـ24 رئيساً، وقد تمتّع يومها كل وزير بحقّ «الفيتو»، وطال أمد الفراغ وحصلت «إنتفاضة النفايات» في تموز 2015، وتخبّطت الحكومة في معالجتها، ومن ثمّ ضُربت علاقات لبنان بالمملكة العربية السعودية والخليج مطلع 2016.

 

وإذا كانت تجربة كلّ من السنيورة وسلام لم تخدش شعور الموارنة، الذين يتسبب بعض زعمائهم المعروفين، بالفراغ نتيجة شهوة السلطة والكرسي، إلّا أنّ التجربة الحالية مغايرة تماماً لأنّ الفراغ حصل وسط انهيار شامل في حين أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي حكومة تصريف أعمال وليست حكومة تتمتع بمواصفات حكومتَي سلام والسنيورة.

 

لكن الدستور واضح في هذا الإطار وينص على انتقال الصلاحيات حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال، لذلك فإن هذا الجدل قد خُتم بعد تفسير مجلس النواب لرسالة الرئيس السابق ميشال عون، ويبقى الأساس كيف سيتصرّف ميقاتي في حال طال أمد الشغور.

 

وفي السياق، تكشف مصادر متابعة لهذا الملف أن ميقاتي أرسل تطمينات في كل الإتجاهات وأولها إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وعدد من القادة المسيحيين، ليؤكد أنه لن يُقدم على أي خطوة تستفزّ المكوّن المسيحي أو يستغلّ لحظة الشغور لضرب الموقع، وقد أبدى ميقاتي كل الحرص على موقع رئاسة الجمهورية مثل حرصه على رئاسة الحكومة وكل المواقع في الدولة.

 

ويتمنّى ميقاتي أن لا يطول الفراغ، وقد أكّد في رسائله التطمينية أنه طالما أنّ الوضع في البلاد تحت السيطرة وتسيير أمور الدولة يتمّ بسلاسة فإنّه لن يتّخذ خطوات إستثنائية، فهو يعمل على تبريد الأجواء لا إلى زيادة حدّة التشنّج.

 

ومن جهة ثانية، فإن ميقاتي سيلجأ إلى عقد إجتماعات وزارية مصغرة لمعالجة الملفات الحياتية الطارئة، فعلى سبيل المثال قد يجتمع مع أكثر من وزير لمعالجة أزمة الكهرباء أو القمح أو الإستشفاء، وهذه الإجتماعات لن يكون لديها مضمون سياسي ولن تتّخذ قرارات مصيرية.

 

في المقابل، فإن هناك تأكيدات من بعض الوزراء أن ميقاتي لن يستقيل من تحمّل مسؤولياته، فهو سيظل يتابع الملفات الحياتية والمالية والإقتصادية والمعيشية والأمنية، لأنّ البلاد لا تُترك وهو على تنسيق يومي مع كل الوزراء حتى الذين لا يُحسبون على فريقه السياسي، وبالتالي فإنه يعلم خطورة الوضع ولا يرغب بتفجيره معيشياً أو سياسياً، ولن ينجرّ إلى الحملات الشعبوية التي تُشنّ عليه.