IMLebanon

حكومة ميقاتي “تقلّع”: “الحزب” لن يساير باسيل

 

لم تفلح عبارات المجاملة والودّ التي حرص كلّ من المعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، على استخدامها في وصفهما حصيلة اللقاء المطوّل الذي جمعهما برئيس «التيار الوطنيّ الحر» جبران باسيل في ميرنا الشالوحي، في حجب الواقع الخلافيّ الذي بات يطبع العلاقة… والمرشّح إلى مزيد من التباعد.

 

بالأساس، لم يكن متوقّعاً من وفد «حزب الله» أن يقول غير ما أدلى به، وسيكون من الصعب جداً رصد مؤشرات خروج عن السياق الاستيعابي لـ»التيار الوطنيّ الحر». أقلّه في المدى المنظور، وفي التصريحات على المنابر وفي المواقف. أمّا في الشق العمليّ، فقد بات جلياً أنّ ثمة فصلاً في المسارين، قد يتوسّع إطاره وقد يضيق ربطاً بموقف كلّ فريق من القضايا المطروحة، والأرجح أنّ حالة الافتراق هي التي ستسود وكأنّها «الهجر» الذي يسبق عادة الطلاق.

 

أمّا الأسباب فكثيرة، ولعل رئاسة الجمهورية هي آخرها. ولكن بالنتيجة، ثمة مقاربة جديدة تحكم رؤية «الحزب» للعلاقة مع حليفه المسيحي بعد حوالى 17 عاماً على توقيع تفاهم مار مخايل. يقول بعض المعنيين إنّ الطرف الشيعي سدّد المستحقات المتوجبة عليه، واعتباراته الرئاسية استراتيجية، ولا يمكن لها أن تمرّ بممر «جشع» جبران باسيل. لذا فرض نمطاً جديداً من التعاطي في علاقته الثنائية مع «التيار الوطنيّ الحر»: صارت بشروط «الحزب» لا بشروط «التيار»، أو بالأحرى جبران.

 

أكثر من ذلك، ثمة من يعتبر أنّ «الحزب» بصدد تصحيح العلاقة بباسيل، أو بالأحرى تصويبها، بعدما كانت قائمة على معادلة ذهبية، وهي تأمين كلّ متطلبات الحليف المسيحي. اليوم، يقيسها «الحزب» بمنطق: مصالحي فوق كلّ اعتبار. ولهذا لم يتردّد في كسر حلقة الشراكة في السلطة التنفيذية ليساير رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ترؤس جلسات مجلس الوزراء… والحبل على جرّار الجلسات التي ستستعيد زخمها الأسبوع المقبل بجدول أعمال يفترض أن يضمّ حوالى عشرة بنود وهي البنود التي سبق لميقاتي أن ساير «الحزب» بإسقاطها من جدول الأعمال، وها هو يعيدها من جديد.

 

بالتفصيل يتبيّن أنّ ميقاتي سيدعو مطلع الأسبوع المقبل لجلسة هي الثالثة لحكومة تصريف الأعمال، بحجة بند مساعدة أساتذة التعليم الرسمي الذين دخل إضرابهم الأسبوع الثالث. وتحت هذا العنوان يفترض أن يتوسّع جدول الأعمال ليضمّ البنود التي سبق لميقاتي أن أهملها بناء لطلب «حزب الله» الذي كان يحاول تطرية الأجواء مع باسيل قبيل لقائه.

 

اللقاء حصل في ميرنا الشالوحي، ولكن تطرية الأجواء التي تبلغ حافة الاتفاق بين الفريقين، لا في الموضوع الحكومي ولا الرئاسي طبعاً، بدليل أنّ «الحزب» سيكون الأسبوع المقبل على طاولة ميقاتي بجدول أعمال غير محصور ببند وحيد، بمعزل عن موقف «التيار الوطني الحر» المعترض على هذا السلوك.

 

المفارقة – النكتة هو أنّ الوزراء المحسوبين على «التيار الوطني الحر» والذين يعترضون على مبدأ عقد جلسة مجلس الوزراء لحكومة تصريف الأعمال بحجة أنّها فاقدة للميثاقية وتضرب موقع الرئاسة الأولى، يشاركون في اجتماعات اللجنة الوزارية التي تمّ تأليفها بقرار صادر عن مجلس الوزراء «غير الشرعي» بنظرهم، والمكلفة متابعة تطبيق قرار الحكومة في ما خصّ ملف الطاقة وتمويل مؤسسة كهرباء لبنان!

 

بالنتيجة، قطار حكومة ميقاتي «قلّع»، ولم ينجح اعتراض العونيين في فرملة اندفاعه، ولم يتمكنوا أيضاً من التفاهم مع حلفائهم على صيغة قانونية تبقي السلطة التنفيذية في حركة وتحميها من الشلل من دون الانتقاص من مقام الرئاسة الأولى… الأمر الذي سيزيد من الشرخ القائم بين «التيار» و»الحزب» ويفاقم الأزمة. ولهذا يقول المتابعون إنّ «حزب الله» لن يوقف مساعيه لترميم العلاقة مع باسيل، لكنّه في الوقت عينه رتّب حساباته على أساس أنّ الطلاق مع «التيار» قد يكون واقعاً، خصوصاً إذا نجح في تأمين وصول رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى القصر، واحتمال انتقال باسيل إلى المعارضة. وهو احتمال مطروح. فكان لا بدّ من الاستعداد لتلك النقلة. ويبدو أنّ «الحزب» بدأ الاستعداد لها.