في الوقت الذي أكد فيه رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، إثر اللقاء الأخير في قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية ميشال عون، أن مهلة التأليف ليست مفتوحة، تقول مصادر رؤساء الحكومات السابقين، أن التأليف لا يجب أن يتجاوز الأيام وليس الأسابيع المعدودة، وذلك نظراً للظروف الصعبة التي تحيط بالساحة الداخلية، وباتت تفرض معادلات سياسية تركّز على التعاطي مع المستجدّات على كل المستويات، والضغط من أجل تشكيل الحكومة لمواكبة المحطات البارزة التي تنتظرها هذه الساحة على الصعيدين السياسي، كما المالي.
وتفيد هذه المصادر، أن ما يتم تداوله من صِيَغ حكومية، وعملية توزيع لبعض الحقائب على الطوائف، لا يتطابق مع الواقع الفعلي، ذلك أن المباحثات ما زالت في نقطة محورية تتعلّق بالحقائب السيادية أولاً، وبالتفاهمات على بند أساسي كان ورد في المبادرة الفرنسية، وهو المداورة في توزيع الحقائب الأساسية، والتي ما زالت قيد النقاش، وذلك بصرف النظر عن البوادر التي تظهر من حين إلى آخر، ومنها ما هو سلبي وآخر إيجابي.
لكن الأبرز في نظر هذه المصادر، هو أن الرئيس عون وميقاتي متّفقان على اعتماد إيقاع سريع للإجتماعات في الأيام المقبلة، وعدم ترك أي مجال للدخول في المراوحة، أو لتسجيل تأخير ينعكس حكماً بطريقة سلبية على الملف الحكومي.
ومن هنا، ترى المصادر نفسها، أن كل خطوط التواصل مفتوحة بين المعنيين بعملية التأليف، وبين المرجعيات من أجل التركيز على كل العناصر الإيجابية المسجّلة حتى الساعة أولاً، والعمل على معالجة العناصر السلبية المتمثّلة بالعِقَد التي باتت معروفة ثانياً، وذلك، بغية تحديد جدول بالنقاط الأساسية المتبقّية في عملية التأليف، وبالتالي، المراكمة على العناصر الإيجابية التي ما زالت موجودة منذ تكليف الرئيس ميقاتي.
ولكن بالنسبة الى الحظوظ المتاحة أمام الرئيسين لتشكيل الحكومة العتيدة، فإنها ما زالت في نقطة وسطى ما بين النجاح والفشل، وذلك بالإستناد إلى الحسابات السياسية لدى العديد من الأطراف حول دور الحكومة المقبلة في الإشراف على محطات عدة واستحقاقات دستورية أبرزها الإنتخابات النيابية في الدرجة الأولى، إضافة إلى غيرها من الإستحقاقات ذات الطابع المالي والإقتصادي، ومن دون إغفال أن التوقّعات محدودة بالنسبة لما ستقوم به هذه الحكومة، والذي سيتركّز على الإستحقاق النيابي، نظراً للوقت الضيق الذي سيكون أمامها قبل الوصول إلى موعد الإنتخابات التي ستشكل مدخلاً لمرحلة داخلية جديدة على كل الأصعدة.
وتؤكد مصادر رؤساء الحكومات السابقين، أن أي إجماع لم يتحقّق حول أي شخصية، لأن الأسماء تأتي في المرحلة الأخيرة من التفاهم على تأييد الحكومة، ولكن الأساسي، والذي يشهد إجماعاً واتفاقاً بين الرئيسعون وميقاتي، هو اعتماد معايير الإختصاص والخبرة والجدارة في انتقاء الوزراء، بالإضافة إلى عدم إسقاط العنصر السياسي، وإن كانت الشخصيات المرجّحة للدخول إلى الحكومة غير بعيدة عن القوى والأحزاب والمكوّنات السياسية للمجلس النيابي.