دوريل كثف اتصالاته مع الاطراف لتسريع التأليف
في الوقت الذي يتصاعد فيه الكلام عن محاصصة موصوفة في توزيع الحقائب الوزارية، وكأن الساحة الداخلية لا تعيش أزمات متناسلة وتتدرّج فيها معالم الفوضى والتفلّت في الأسعار والإحتكار للمحروقات والدواء والخبز، تسير عملية تأليف الحكومة العتيدة بوتيرة متسارعة اعتباراً من مطلع الأسبوع الحالي، وكأن «كلمة السرّ» قد وصلت الى المعنيين للإفراج عن الحكومة بعد عام ونيف على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب.
ومن المرتقب بحسب مصادر نيابية مطّلعة، بأن تكون الساعات المقبلة حاسمة، وبأن يكون هناك إمكانية كبيرة بأن تبصر الحكومة النور خلال الأسبوع الجاري، وذلك، بعدما انتقل البحث من توزيع الحقائب إلى إسقاط الأسماء عليها، لكن هذا الأمر لا يعني في الضرورة أن العِقَد الصعبة قد جرى تذليلها، لأن عقدة التسمية تنذر بأن تعيد الأمور الى الوراء، خصوصاً في ظل ما تشير إليه المصادر عن «فيتوات» موضوعة على بعض الأسماء من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون.
وأضافت المصادر النيابية نفسها، أن الفرنسيين كثّفوا اتصالاتهم خلال الساعات الماضية مع الرؤساء وبعض الأطراف السياسية، وتولّى عملية التواصل مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، بمعنى أن الضغوطات تنامت بشكل وصل الى حدّ كشف المستور والتصويب على المعرقلين بالأسماء، كذلك، وقف كل المساعدات التي تم التوافق عليها خلال مؤتمر دعم لبنان الذي عقد في الرابع من آب المنصرم، أي فرض حصار سياسي واقتصادي على معظم السياسيين اللبنانيين، وتحديداً ممّن يعطّلون عملية تشكيل الحكومة.
ومن هذا المنطلق، توزّعت المشاورات والزيارات الهادفة لتسريع إعلان مراسيم التأليف على أكثر من خط، إذ أجرى الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي سلسلة اتصالات مع مرجعيات سياسية، ومع «نادي رؤساء الحكومات السابقين»، في ظل نفي الحلقة الضيقة المقرّبة منه أي خلافات أو تباينات مع سعد الحريري، مؤكدة أن التنسيق والتواصل مستمرين بشكل دائم، لذا، فإن هذه الحركة، ولأول مرة، تُتوّج بإيجابيات قد تؤدي في الساعات القادمة الى ولادة الحكومة، ألّلهم إلا إذا عادت ودخلت الشياطين في التفاصيل، لأن التجارب الماضية لم تكن مشجّعة في هذا السياق، واستطراداً، فإن تفاعل التطوّرات والتحوّلات التي جرت في أفغانستان تُعتبر نقطة تحوّل في مسار الوضع الإقليمي والدولي، وسيكون لها تداعيات لافتة لن يكون لبنان بمنأى عنها في حال حصلت أي تطورات ميدانية في المنطقة.
لذا، تابعت المصادر، فإن لبنان يتلقّف كل ارتدادات حروب وأحداث الإقليم، وذلك يؤثّر بشكل فعلي على استحقاقاته الدستورية، وتحديداً في هذه المرحلة حيث معاناة التأليف، وإن وصلت، كما يتبيّن بالملموس، الى مراحلها شبه النهائية، وعلى هذا الأساس تبقى المخاوف قائمة من أي معطى أو تطوّر داخلي أو خارجي من شأنه أن يؤدي الى العودة الى المربع الأول، وربما الإعتذار، وهذا ما كشفه بوضوح الرئيس المكلّف عندما ساوى بين التأليف والإعتذار، لأنه يدرك كل ما يربط البلد من أحداث وتوترات داخلية وخارجية.
ومن جهة أخرى، فإن عامل الشارع والغضب الشعبي، وتحديداً بعد انفجار التليل، كذلك، التدهور المريب إقتصادياً وحياتياً ومعيشياً، فذلك، ومن خلال اللقاءات والإجتماعات التي تحصل بشكل مفتوح بين «الثوار» و»الحراك المدني» وسواهم، قد يفاقم الأوضاع الراهنة إلى عصيان واضطرابات، الأمر الذي بدوره من شأنه أن يصعّد عملية تشكيل الحكومة، في ظل الهوّة الكبيرة بين هؤلاء والرؤساء والطبقة السياسية القائمة، وبناء عليه، فإن كل الإحتمالات تبقى مفتوحة على أكثر من سيناريو وخيار في الساعات القليلة القادمة، والتي تعتبر في غاية الأهمية والدقّة في آن من أن تدخل أكثر من جهة محلية وخارجية على خط الأجواء الإيجابية، لتستحضر أجواء المرحلة السلبية التي رافقت لبنان واللبنانيين منذ عام وحتى اليوم.