في المرة الاولى التي قرر فيها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الاعتذار عن التاليف، وجد من «ربت على كتفه» ليهدأ و«يطول باله» كما يقال. حينها كان الرجل مشمولا بالعطف الدولي والداخلي وتحديدا من الثنائي الوطني، اليوم يقف ميقاتي وحيدا بين نارين: كيفية التوفيق بين مطالب وضغوطات رؤساء الحكومات السابقين لعدم الخروج عن السقف الذي حدده سلفه سعد الحريري، وبين تنفيذ ما اتفق عليه مع الجهات الدولية والعربية التي غطت تكليفه والتي باتت تطالبه بالحاح بتشكيل الحكومة، وهو القائل امام قيادي بارز في الثنائي الوطني «انه لو عاد الامر له لكان شكل حكومته في يومين».
ويحاول البعض اختلاق مشكلات بوجه ميقاتي معيدا تسويق بعض الاسماء بوجه اخر، والمعضلة هنا ان رئيس الجمهورية بحسب اوساطه «لم يعد لديه ما يخسره سواء تشكلت الحكومة او لم تتشكل»، وبالتالي فان ميقاتي وفقا للقيادي البارز في الثنائي الوطني «بات محشورا في الزاوية فاما الاتفاق على اسماء مشتركة وتوافقية مع عون او لا حكومة».
للانصاف، ليس ميقاتي وحده معرقلا للتاليف، يلعب عون دورا موازيا، فالرئيس وفقا لما نقلته مصادر في الثنائي الوطني عن ميقاتي يطرح اسماء مشتركة ملغومة يمكن اعتبارها كحصان طروادة تضمن له مواربة الثلث الضامن، وهو ما يرفضه ميقاتي ومن خلفه نادي رؤساء الحكومات السابقين.
المشكلة اليوم ان تحديد مصير الحكومة بات يعتمد على المفاوضات يوما بيوم، اذا سالت عون وميقاتي عن مصير الحكومة تسمع الاجابة ذاتها «ما منعرف،الامور بخواتيمها» وما يعزز هذا الكلام ان عون قال امام المعنيين في الثنائي الوطني «ان اي تشكيلة تضم اسما واحدا غير متوافق عليه او موضع شك سوف ينسف التشكيلة باكملها ويعيد الامور الى نقطة الصفر».
ولكن، ثمة اسئلة جوهرية هنا تعيد الازمة الى مربع ميقاتي اذا اعتبرنا ان عون خسر في لعبة الابتزاز السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي مورست ضده وضد عهده؟
اولا: كيف سيواجه ميقاتي وحكومته مسالة استيراد حزب الله النفط من ايران، هل يملك الرجل خطة واضحة لا سيما وان قرار الحزب حازم وحاسم في هذا الخصوص، والمعلومات هنا تشير الى ان الحزب لم يفاتح ميقاتي بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد.
ثانيا: كيف سيتعامل ميقاتي وحكومته مع مسالة اعادة التواصل الرسمي المباشر مع سوريا، بعد طرح الاميركيين استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن عبر اراضيها رغم عدم امكانية تحقيق هذا الموضوع في الامد القريب لاسباب سياسية وتقنية؟