IMLebanon

حكومة “الليغو”! لا طعم لها ولا لون

 

خرجت الزوجة ودخل الزوج… وطارمرشّح وغطّ آخر

 

فعلاً، ثمّة عقل شيطاني يتولى إدارة شؤون ومصالح هذه المنظومة السياسية. نجح في إقناع اللبنانيين بأنّ خلاصهم سيكون على يد هذه الحكومة. لا يهم من يرأسها ولا هي مكوناتها. المهم أن يتبرّع أحدهم ليكون في موقع السلطة والمسوؤلية. لا من “ثوار” يسألون أو يُسائلون أو يحاسبون أو يقطعون الطرقات اعتراضاً. استسلام كليّ لما آلت إليه الأمور بفعل اليأس الذي زُرع في نفوس اللبنانيين، على مدى أشهر متتالية، وعن سابق تصوّر وتصميم.

 

وُضِع اللبنانيون أسابيع وأسابيع في ثلاجة الانتظار يتعرضون لذلّ يومي لم يسبق لهم أن ذاقوا لوعته طوال سنيّ الحرب، أمام محطات البنزين، الأفران، المستشفيات، الصيدليات، وتأشيرات الهجرة… لتقدّم لهم حكومة، لا طعم لها ولا لون، أشبه بصفّ من قطع “البازل” أو “الليغو” الذين تمّ تجميعهم على عجل، وبلا أي تناسق!

 

من تابع وقائع بورصة تسميات الوزراء، كيف قفزت وحطّت بين لحظة وأخرى، فخرجت على سبيل المثال الزوجة ودخل الزوج، وطارمرشّح من حقيبة إلى أخرى، وكيف سمّي خبير الاتصالات وزيراً للأشغال العامة، وكيف أسقِط الاستاذ المحاضر في كلية الإعلام على وزارة الشباب والرياضة، وبات الخبير الاقتصادي وزيراً للبيئة، وكيف سطّرت مذكرات البحث والتحري عن شخصيات لا تثير الريبة ولا تُسقط في خندق فاقع سياسياً، وكيف تراجعت سريعاً معايير الكفاءة، وقاعدة الشخص المناسب للوزارة المناسبة، لمصلحة الانتماء بالمواربة… كيف يمكن له أن يتعاطى بشيء من التقدير والثقة مع هذه الحكومة أو يأمل منها أي إنجاز؟

 

من كان ليصدّق أنّ هذه الحكومة هي “الهدية المنتظرة” ما بعد “انتفاضة 17 تشرين”؟ أين هي صفاتها الإنقاذية؟ كيف يمكنها أن تشكّل عامل اطمئنان للبنانيين؟ بلغ هؤلاء مراحل متقدمة من الاحباط لدرجة القبول بأي تركيبة وزارية توضع أمامهم. المهم أن يبادر أحدهم للجم الانهيار الذي يأكل الأخضر واليابس ويطيح بكل شيء. لا يملك أي من اللبنانيين ترف السؤال عن طبيعة هذه الحكومة وتوازناتها؟ بالأساس، باتت اهتماماتهم لا تتجاوز، ولسوء الحظّ والحُكم، عتبة صفيحة البنزين وعلبة البنادول وربطة الخبز! التفاصيل السياسية وحساباتها المقيتة، صارت وراءهم.

 

أمّا تلك الانتصارات الوهمية عن ثلث معطّل، وعن “دروس احترام الدستور” و”عدم كسر حدا”، وعن حقوق الطوائف ومكتسباتها التي أثبتت التجربة أنّها مجرّد مصالح فردية، فلا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، بعدما صار أقصى طموحهم حجز بطاقة سفر، وهذه المرة، one way ticket!

 

ومع ذلك، من الضروري الإضاءة على تركيبة الحكومة التي يفترض أنها أول حكومات العهد وآخرها، على اعتبار أن التيار الوطني الحر لم يجد نفسه بعد متصالحاً مع أي حكومة تألفت منذ العام 2016. هذه الحكومة التي لم تولد إلّا بعد ضمان الثلث المعطّل للفريق العوني ولو أدّعى غير ذلك، معتبراً أنّ حملته الاعتراضية كانت من باب الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية، غير المكتوبة في دستور الطائف، مع العلم أنّ الاكلاف التي تكبّدها البلد جراء تعطيل قيام الحكومة تتخطى أي استثمار قد يحصّله “التيار” في هذه المعركة السياسية.

 

– لم يسمّ ميقاتي أي وزير مقرّب إليه على نحو فاقع، لا بل جيّر كلّ الحصة السنية، باستثناء وزير الاقتصاد الذي شكّل آخر عقد الحكومة، لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

 

– حصل العهد، ومن خلفه جبران باسيل على أكثر من ثلث معطّل، بعدما تخطت حصته الثمانية وزراء بمن فيهم الوزيران الدرزي (المحسوب على النائب طلال ارسلان) والوزير الأرمني المحسوب على “الطاشناق”، خصوصاً وأنّ الوزيرين المسيحيين اللذين شكلا نقطة التقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كما قضى الاتفاق بينهما، ليسا بعيدين عن العهد، وهما أقرب إلى الفريق العوني من الفريق الميقاتي. أكثر من ذلك، يقول المواكبون إنّ الوزير المسيحي الذي تولى ميقاتي تسميته مقابل وزير الاقتصاد السني، أي وليد نصار، هو من التصنيف ذاته للوزيرين نجلا رياشي (مديرة مكتب وزير الخارجية والمغتربين من أيار 2012 حتى أيلول 2020)، وجورج كلاس المفترض أنهما “وزيرا خطوط التماس”، لتصل الكوتا الباسيلية إلى 11 وزيراً ونصّ!