Site icon IMLebanon

الحكومة محكومة بالشروط الإصلاحيـة… وإلا لا دعم

 

الحكومة محكومة بالشروط الإصلاحيـة… وإلا لا دعم

 

إذا ما التزمت المنظومة السياسية بتعهدها، القاضي بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، فلن يكون بمقدور الحكومة الحالية أن تحتفي بحصولها على برنامج دعم صندوق النقد الدولي، ذلك لأنّ طريق المفاوضات طويلة ومعقدة وقد لا تنتهي قبل ستة أشهر أو أكثر. هذا اذا افترضنا أنّ مشوار التفاوض مع صندوق النقد سيكون مسهّلاً غير محفوف بالخلافات والتباينات بين القوى الحاكمة، وغير مثقل بالشروط القاسية التي يصعب تحقيقها.

 

ومع ذلك، فإن احتمال تأجيل الانتخابات لا يزال حاضراً نظراً لخشية الأكثرية النيابية خسارتها أغلبيتها، وذلك بسبب التراجع الشعبي الملحوظ لدى “التيار الوطني الحر” في مختلف مناطق حضوره. ومن هنا، ثمة حديث عن ميل “حزب الله” إلى تعليق العمل ببند مشاركة المغتربين في الاستحقاق، اذا ما كانت مشاركتهم قد تؤثر على النتائج في الدوائر المسيحية بشكل كبير، مع العلم أن “التيار الوطني الحر” مأزوم في خياراته، ذلك لأنه حتى لو كان متحمساً لتأجيل الانتخابات برمتها، أو بشقها الخارجي فقط، بانتظار تحّسن وضعه الشعبي، فهو لن يكون بمقدوره المجاهرة بهذا القرار ولا التصويت معه خصوصاً وأن خصومه يجرّونه إلى ملعب المزايدة الشعبية في هذا المجال، بشكل يقطع عليه طريق التصويت ضدّ مشاركة المغتربين أو تأجيل الانتخابات.

 

ولكن بمعزل عن هذا الموعد المفصلي، فإنّ كلّ ما في الأمر، هو أنّ هذه الحكومة ستنطلق في مشوار التفاوض مع الصندوق، وستحاول تنفيذ الشروط البسيطة، غير تلك المزنّرة بأفخاخ وألغام الخلافات الداخلية، على أن تتولى في المقابل إدارة المرحلة الفاصلة.

 

يدرك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّه ليس مكتوباً لحكومته أن تحقق الكثير من الانجازات وهي ستتولى رسم خريطة طريق اصلاحية والعمل على ما يمكن تنفيذه، لترك المسائل الخلافية والكبيرة لحكومة ما بعد الانتخابات. أما راهناً، فالمطلوب تحضير الأرضية واللبنانيين لما ينتظرهم في مرحلة البرنامج الذي سيفرضه صندوق النقد، خصوصاً وأنّ ثمة أطرافاً داخلية تتوجّس من طاولة التفاوض مع الهيئات الدولية وما يمكن للأخيرة أن تفرضه من شروط. وأبرز تلك القوى “حزب الله” الذي بدا خلال جلسات صياغة البيان الوزاري دقيقاً في ما خصّ مدى انفتاح لبنان وتقبّله لما يعتبرها املاءات صندوق النقد. وقد كرر نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم في مقابلته التلفزيونية الأخيرة التأكيد، أنّه “لا مانع من النقاش مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى قناعات مشتركة ولكن نحن لا نقبل وصفة جاهزة”.

 

في هذه الأثناء، يفترض أن تبدأ الحكومة اجتماعاتها هذا الأسبوع بعدما انتهى “شهر العسل” ووضعت الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية الداهمة على الطاولة، وسط مؤشرات دولية باتت واضحة تشي بأنّ حكومة نجيب ميقاتي لن تنال قرشاً واحداً إذا لم تطلق قطار الإصلاحات، وبالتالي إنّ الضغوط التي مورست على الطبقة السياسية للمسارعة في تأليف حكومة، لن تتحول إلى دعم مالي اذا قررت هذه الحكومة أن تكون نسخة طبقة الأصل عن الحكومات السابقة.

 

بالنتيجة، هذه الحكومة محكومة بالشروط الدولية، وما الدعوات التي أطلقت من الدول الغربية لتأليف حكومة إلا خطوة أولى على طريق الألف ميل، وعلى الحكومة المسارعة إلى البحث في خطة التعافي وتلك التي ستناقش مع صندوق النقد لبدء المفاوضات.

 

وعليه، فإنّ مبلغ المليار دولار الذي حصل عليه لبنان من صندوق النقد، قد يكون الدفعة الوحيدة التي ستدخل مصرف لبنان خلال الفترة المقبلة، وقد يصار إلى تسييلها في تمويل البطاقة التمويلية التي عادت وعلقت في المطبات التقنية فضلاً عن تغذية معامل الكهرباء، خصوصاً وأنّ فريق “التيار الوطني الحر” يصرّ على تأمين سلفة جديدة من مصرف لبنان لرفع ساعات التغذية ومساعدة الشبكة الكهربائية على الثبات والاستقرار، بالتوازي مع النفط المؤمّن جراء اتفاق التبادل مع العراق.

 

فهل ستستطيع الحكومة إدارة المرحلة الفاصلة قبل الاتفاق مع صندوق النقد أو انتهاء المخاض الاقليمي؟