ما يزال الرئيس نجيب ميقاتي يتطلع بريبة الى الخطوة التي أقدم عليها الرئيس سعد الحريري وأفضت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وإلى ما سبقها من اتفاقات وما سيليها من نتائج.
ضمنيا يتخوف ميقاتي من أن يكون وصول عون الى سدة الحكم بمثابة دق الاسفين الأول في نعش اتفاق الطائف، خصوصا أن مواقف «تيار المستقبل» بشأن التمسك بـ «وثيقة الوفاق الوطني» (برأي المحيطين به) تبقى في إطارها الشفهي فقط، أما الممارسة العملية فتأتي عكس ذلك.
انطلاقا من هذا التخوف، يسعى ميقاتي الى تثبيت معارضته الوطنية للعهد الجديد الى جانب سائر القيادات المعارضة، وهو يضع في سلم أولويات المرحلة السياسية المقبلة شعار «الحفاظ على الطائف» والدعوة الى تطبيقه كاملا لتحقيق قيام الدولة العادلة، من ثم البحث في إمكانية إجراء التعديلات التي يتوافق اللبنانيون على أنها ضرورية، مشددا على أن حرصنا على اتقاق الطائف هو من منطلق وطني بحت.
يعترف ميقاتي بأن الطائف ليس منزّلا، لكنه يرى أن العلة لا تكمن في مضمون الاتفاق، بل في سوء الممارسة التي لم تكن سليمة بكل مظاهرها، رافضا بأي شكل من الأشكال الحديث عن أي اتفاق جديد، لأننا في ظل الظروف الراهنة سنجد أنفسنا في خضم دولة طائفية تتمسك فيها كل طائفة بامتيازاتها، ما سيجعل كل مواطن يتعلق بمرجعيته الطائفية أكثر فأكثر.
يبدو واضحا أن ميقاتي قد اتخذ قرارا حاسما بالرد على كل الانتقادات التي يمكن أن توجه له، خصوصا بعدما وجد أن «تيار المستقبل» «يسطو» على الشعارات التي ابتكرتها حكومته، لا سيما «النأي بالنفس» وعدم إدخال لبنان في صراعات المنطقة، لذلك فهو لا يترك مناسبة إلا ويذكر فيها أنه هدد بالاستقالة في حال دخول «حزب الله» الى سوريا، وأن الحزب لم يدخل فعليا في الحرب إلا بعد استقالة حكومته بأكثر من شهر، حيث أصدر البيان الأول حول مشاركته، مشددا أن توسع مشاركة الحزب وتمدده جاء في كنف الحكومة التي تحولت الآن الى تصريف الأعمال والتي شارك «المستقبل» في تشكيلها.
ولا يتوانى ميقاتي في أكثر من مناسبة عن الغمز من «تيار المستقبل» الذي شن هجوما عنيفا على حكومته مطلقا عليها تسمية «حكومة حزب الله»، فيما وجدنا مؤخرا أن «المستقبل» بعد مبادرة الحريري الرئاسية «أنتج عهد حزب الله»، مؤكدا أنه لا ولن يهادن أحدا، عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني، مشددا على ضرورة التوافق على استراتيجية دفاعية لمواجهة الأطماع الاسرائيلية في لبنان.
ويدعو ميقاتي الى تطبيق بنود الطائف لجهة، اعتماد اللامركزية الموسعة ووضع خطة إنمائية شاملة، وإعطاء دور أوسع للبلديات، وتفعيل المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي الاجتماعي، وتعزيز الجامعة اللبنانية والمدرسة الرسمية، إضافة الى وضع قانون أُصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وإعادة النظر بقانون القضاء العسكري وحصره بجرائم ومخالفات العسكريين دون سواها، وتشكيل مجلس الشيوخ، وإقرار الموازنات العامة.