Site icon IMLebanon

ميقاتي أخطأ دستورياً ولو تراجع وكاد أن ينسف اتفاق الطائف بشّر اللبنانيين بالإفلاس وسعى لغطاء ماروني كنسي بدل السياسي 

 

 

استدرك رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الخطأ الدستوري الذي وقع فيه باعلانه عن جلسة لمجلس الوزراء في الديمان وتراجع عنه وهو خالف بذلك الدستور الذي نصت الفقرة الخامسة من المادة 65 على “ان مجلس الوزراء يجتمع في مقر خاص” وقد انشئ هذا المقر قرب المتحف الوطني في بيروت وكان يعقد جلساته فيه لا سيما في عهد الرئيس اميل لحود ثم توقفت الجلسات التي عادت لتنعقد في القصر الجمهوري ببعبدا اذا حضرها رئيس الجمهورية فيترأسها او في السراي الكبير وفي كل هذه الجلسات مخالفة للدستور لم يجر توضيحها لا من قبل رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة ولم يسأل عنها مجلس النواب ولا تحركت الجهات الحريصة على تطبيق اتفاق الطائف ولا على صلاحيات رئاسة الحكومة التي كان من ضمنها ان يكون لمجلس الوزراء مقر خاص كما سكن لرئيس الحكومة استحدث في “السراي الكبير” واستخدمه فقط الرئيس حسان دياب احيانا.

 

والتوضيح الذي اصدره الرئيس ميقاتي بانه لم يعقد اجتماعا لمجلس الوزراء بل لقاء تشاوريا للوزراء وتعمد ان يكون مقر البطريركية المارونية في الديمان وهو يحاول استخدامه ضمن معركته السياسية والدستورية التي يتواجه بها هو و”التيار الوطني الحر” الذي يتهمه بأنه يغتصب صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني في ظل الشغور الرئاسي والذي يرد عليه ميقاتي بانه ليس من اهدافه هذا الموضوع وهو ليس مسؤولا عن تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية الذي تعود صلاحياته الدستورية لمجلس النواب وهو يستعجل حصول الانتخاب اليوم قبل الغد وهذا ما كان يعلنه دائما وفق ما تؤكد مصادر مقربة من ميقاتي الذي قصد الديمان مع وزراء في حكومته للتأكيد للبطريرك بشارة بطرس الراعي بان ما يشاع ويقال ويعمم بانني اعمل للاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية هو افتراء من قبل “التيار الوطني الحر” الذي يسعى الى “الشعبوية” في اثارة عناوين طائفية ومنها “حقوق المسيحيين” الحاضرة دائما في خطاب جبران باسيل قبل ترؤس ميقاتي للحكومة واثنائها وبعدها.

 

وما قصده ميقاتي في عبارته او “زلة لسانه” هو ايصال رسالة الى رأس الكنيسة المارونية بأن عقد لقاء وزاري في الديمان للتأكيد على ما يعلنه دائما ويحصل على “براءة ذمة” بانه حريص على رئاسة الجمهورية وما ترمز اليه وتمثله كما تقول مصادره التي تشير الى ان هذا الحرص على هذا المنصب الدستوري هو نفسه على كل مواقع السلطة في الدولة فهو تراجع عن فكرة التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لانه منصب ماروني وشعر برفض مسيحي عموما وماروني خصوصا فعزف عن هذه الفكرة بالرغم من ان البطريريكية المارونية كانت لا تمانع تعيين حاكم لمصرف لبنان.

 

فالغطاء الماروني حصل عليه ميقاتي كنسيا ولم يحصل عليه سياسيا وهو لم يدع الى جلسة او لقاء في الديمان الا بعد ان لمس تشجيعا من البطريرك الراعي اذي استنكر امام ميقاتي والوزراء الذين رافقوه ما وصل اليه لبنان من كوارث والانحلال الذي اصاب مؤسسات الدولة وهو لم يوفر عظة سواء في قداديس الاحد او مناسبات اخرى الا وطرح موضوع انتخاب رئيس للجمهورية محملا كل المسؤولين سواسية المسؤولية التي لا يحملونها بل تخلوا عنها وفق ما نقل مصدر وزاري عن البطريرك الماروني الذي سأل ميقاتي الى اين من هنا، فأبلغه بأن الدولة ذاهبة الى الافلاس فلا رواتب ولا دواء ولا خدمات بسبب فقدان المال وهذا ما اعلنه في تصريحه من المقر الصيفي للبطريركية المارونية.

 

فالصراحة التي تحدث بها ميقاتي لا تعني انه هو وسواه من القوى السياسية والحزبية والكتل النيابية والمراجع الدينية لا يتحملون المسؤولية عن انهيار لبنان الذي ظهرت بوادره مع مطلع التسعينات من خلال سياسة الاستعانة وعدم تسديد الديون لتقع خزينة الدولة بعجز بسبب خدمة الدين العام التي كانت تتراكم سنويا لتصل الى نحو 7 مليارات دولار سنويا اضافة الى الانفاق غير المجدي سواء على الرواتب للقطاع العام او على الكهرباء وكذلك ما تسبب به الفساد الذي قامت به المنظومة الحاكمة في السلطات المتعاقبة منذ ما بعد اتفاق الطائف والهدر الذي لحق بخزينة الدولة اذ قامت شركات خاصة تحت عنوان “الخصخصة” بسلب المواطن مرتين الاولى في الرسوم والضرائب التي تجنيها الدولة والثانية في الخدمات التي كانت تسديها الشركات تحت عنوان “تقصير الادارات الرسمية” وهي سياسة مستمرة وتتصاعد.

 

فحكومة “الفوضى الخلاقة” التي يترأسها ميقاتي لم تقدم في الموازنة العامة التي تدرسها الا مزيد من الرسوم والضرائب وافقار المواطنين والقبول مع نواب حاكم مصرف لبنان باصدار قانون في مجلس النواب يغطي مصرف لبنان تسديد اموال تطلبها الحكومة منه وتدفعها المصارف من اموال المودعين المتبقية وهي السياسة نفسها التي كان يتبعها رياض سلامة دون اعتراض من نوابه على مدى ثلاثة عقود ليأتي النواب الحاليون الاربعة ويطلبون “براءة ذمة” مبكرة لاستدانة الحكومة التي تبحت عن نواب يقدمون اقتراح قانون لذلك مما تسبب بأزمة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يرفض تشريع الاستدانة.

 

اننا مع نهاية شهر اب في حالة افلاس اعلنها ميقاتي.