تشير معلومات سياسي مخضرم عائد حديثاً من العاصمة الفرنسية، الى أن أحد مستشاري الرئيس الفرنسي السفير باتريك دوريل، اتصل منذ أيام قليلة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد الضجّة التي أثيرت حول توجّهه إلى الاستقالة، وأيضاً في ظلّ الحديث أن هذه الاستقالة ستؤدي حتماً إلى تطيير الإستحقاق الإنتخابي النيابي، وقد استمع رئيس الحكومة مطوّلا للموقف الفرنسي، فكان أن تلقى جرعات دعم كبيرة بأن يستمر في مهامه كرئيس للحكومة التي ستلي الإنتخابات النيابية، ويمكن القول، بحسب المعلومات نفسها، ان هذه المسألة محسومة أولاً لأن هناك قبولاً من “نادي رؤساء الحكومات السابقين”، ودار الفتوى ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، وأيضاً من قوى سياسية كثيرة، ومنهم مَن لا يتّفق مع ميقاتي حول ملفات كثيرة.
وتابعت المعلومات، ان ما زاد من إمكان بقائه على رأس الحكومة الجديدة، تمثّل بعودة العلاقات اللبنانية ـ الخليجية إلى طبيعتها، لا سيّما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على تواصل دائم مع المملكة العربية السعودية، إضافة إلى اللقاءات التي عقدت مؤخراً بين السعوديين والفرنسيين في باريس، ما يعني في المحصلة، أن هذه المسألة لا تواجه أي صعوبات، خصوصاً بعدما أعلن رئيس الحكومة عزوفه عن خوض الإنتخابات النيابية، الأمر الذي عزّز دوره السياسي، ولاحقاً أن يبقى رئيساً لحكومة ما بعد الإنتخابات.
وتؤكد المعلومات أن الدافع الرئيسي لإعادة تكليفه بعد الإنتخابات أيضاً، يعود إلى متابعة الحوار مع صندوق النقد الدولي والصناديق الضامنة، ومن ثم أن تكون حكومة ما بعد الإستحقاق الإنتخابي حكومة إصلاحية، أي أن تبدأ بالإصلاح الإداري والمالي، وهذا ما يطالب به المجتمع الدولي من أجل إعادة دعم لبنان، وعليه، فإن ميقاتي على بيّنة من كل هذه المسائل والقضايا، والتي يتابعها شخصياً عبر لقاءات يومية في السرايا مع شخصيات مستقلة، لذلك ثمة من يجزم أن ميقاتي باقٍ حتى نهاية العهد الحالي، وبعد ذلك “لكل حادث حديث كيف ستكون الأوضاع في البلد وهوية الرئيس الجديد وسياساته، فإمّا يواصل ميقاتي المشوار معه، وإمّا تكون هناك شخصية جديدة.
وتشير المعلومات، إلى أن ما يعزّز استمرار ميقاتي في مهامه وعدم لجوئه إلى الإعتكاف، هو استحالة تكليف أي شخصية سنّية في هذه الظروف، بعدما اعتزل الرئيس سعد الحريري، وابتعد الرئيس تمام سلام، إضافةً إلى صعوبة أن يكون الرئيس فؤاد السنيورة رئيساً لجملة اعتبارات سياسية داخلية وإقليمية، في حين أن الشخصيات الأكاديمية والحيادية، أو ما يسمى بالتكنوقراط، فإن الظروف الراهنة التي يجتازها البلد على جميع الأصعدة، يستحيل معها الإتيان برئيس من خارج الوسط السياسي لإدارة شؤون البلد في هذه الظروف الراهنة.
ويبقى أخيراً، أن الأيام المقبلة، ومع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية، يتبيّن مدى نجاح الإتصالات التي جرت في الأيام الماضية لفرض هدنة رئاسية بعد التباينات والخلافات على خط الرؤساء الثلاثة، وصولاً إلى توقف الإجراءات والخطوات القضائية بفعل كثافة الإتصالات التي جرت بعيداً عن الأضواء لتجنيب البلد أي انفجار أمني وسياسي، في حين أن الأهم والأبرز يتمثل بترقّب وانتظار ما ستؤدي إليه نتائج الإنتخابات النيابية في منتصف أيار المقبل، ولمن ستكون الأكثرية النيابية، وعندئذ تتّضح معالم المشهد السياسي الجديد، ومن خلاله من سيكون رئيس الجمهورية الجديد بمعزل عن رئيس الحكومة، على اعتبار أن الرئيس ميقاتي يُعتبر وسطياً وله قدرة في تدوير الزوايا، وليس من مشكلة أو قطيعة مع أي طرف أو أي مكوّن سياسي وحزبي، وبمنأى عما ستكون عليه نتائج الإنتخابات إن كانت الأكثرية لهذا الطرف أو ذاك.