تأتي زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى بكركي اليوم قبيل توجّهه إلى الفاتيكان في توقيت مفصلي، وفي خضم التحوّلات الداخلية والخارجية، خصوصاً بعد الإتفاق الإيراني ـ السعودي، وترقّب انعكاساته على الوضع اللبناني الداخلي والمنطقة بشكل عام.
مصادر سياسية متابعة لزيارة بكركي، تشير إلى أن هذه الزيارة رسالة واضحة بداية لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في ظل السجال اليومي بين ميقاتي ورئيس “التيار”، وتشير إلى أن ميقاتي سيحمل معه إلى بكركي ملفاً متكاملاً حول أسماء المجنّسين، وكل ما يتصل بهذا الملف بصلة، والذي يستعمله باسيل، كما تقول الأوساط المقربة من ميقاتي، شمّاعة ومنطلقاً لرفع شعبيته مسيحياً عبر طرحه من زاوية طائفية، فيما معظم الأسماء، جاءت بفعل صفقة من قبل العهد السابق، ولها أبعاد تتناول الشقين المالي والسياسي، إضافة إلى إبعادها الشعبوية.
وعليه، فإن ميقاتي، تضيف الاوساط المقربة منه، انه سيضع البطريرك بشارة الراعي في تفاصيل هذا الملف، وكل ما يحيط بعمل مجلس الوزراء بصلة، بمعنى أنه سيؤكد له التزامه بما تم التوافق عليه خلال زيارته الأخيرة منذ أكثر من شهر، حيث تعهّد أمام سيد بكركي بعدم الدعوة لأي جلسة لمجلس الوزراء إلاّ بعد التوافق مع كل الوزراء ولا سيما المسيحيين، وعلى وجه الخصوص المنتمين لـ”التيار الوطني الحر” ومن جاء بهم الرئيس السابق ميشال عون، كي لا يفسر ذلك بأنه تجاوز للميثاقية المسيحية وصلاحيات رئيس الجمهورية، من زاوية عدم المسّ بها في ظل الشغور الرئاسي، وبالتالي عدم عقد أي جلسة إلاّ في حال كانت هناك ضرورة ملحة تتعلق بتسيير شؤون وشجون الناس.
وتضيف الاوساط نفسها، أن الملف الرئاسي سيكون حاضراً بقوة، مع الإشارة إلى أن ميقاتي من المؤيدين والداعمين لترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، ولكن الموضوع سيبحث من زاوية ضرورة الإسراع في انتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة إصلاحية سريعاً، في ظل الإنهيارات الإقتصادية والمالية وإفلاس الدولة، مشيرة إلى أن ميقاتي لم يعد يرغب على الإطلاق في استمرار عمل حكومته لجملة اعتبارات، أبرزها أنها غير قادرة على الخروج من هذه الأزمات نظراً لغياب الدعم الخارجي، والصلاحيات الملتزمة بها لناحية العمل على تصريف الأعمال، وإطالة أمدها يعني مزيداً من الخسائر، وأن ليس ثمة قدرة على الإستمرار في مثل هذه الأوضاع التي يمر بها البلد.
وفي سياق آخر، وهنا الأساس، فإن زيارة ميقاتي إلى الصرح البطريركي عشية توجّهه إلى الفاتيكان، إنما يحمل أكثر من مؤشِّر في هذا التوقيت بالذات، خصوصاً أنه يحمل أيضاً مشروعاً متكاملاً عن الواقع المسيحي في البلد، وتعتبره المصادر أنه ردّ آخر على رئيس “التيار الوطني الحر”، في ظل الصدام والسجال اليومي بين الطرفين، وسيطرح على قداسة البابا فرنسيس الأول والمسؤولين في الفاتيكانيين الملف الرئاسي بواقعه الراهن، وكذلك الظروف المحيطة بحكومته، مع التأكيد والحرص بأنها لم ولن تكون بديلاً عن رئيس الجمهورية، ولن تتعدى على صلاحيات الرئاسة الأولى، خلافاً لما يروِّجه البعض في لبنان، كـ”التيار البرتقالي”.
لذا، تتابع المصادر، بأن ميقاتي سيستغل هذه الزيارة مسيحياً ووطنياً، ويعتبرها مدخلاً أساسياً لقطع الطريق على محاولات باسيل وحربه على الحكومة ورئيسها تحت شعار “الدفاع عن حقوق المسيحيين ورئاسة الجمهورية”.