IMLebanon

زيارة ميقاتي التركية: شقّ جنوبي وآخر شمالي!

 

حطّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في تركيا السبت وتوّج زيارته بلقاء الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان. وحضرت أحداث غزة وجنوب لبنان وإحتمال تمدّد الحرب إلى دول المنطقة في صلب المباحثات. وتملك أنقره الخوف نفسه مثل بقية الدول الغربية والعربية من إشتعال جبهة الجنوب.

 

يُعتبر الرئيس ميقاتي الرجل الأول على رأس السلطة التنفيذية في لبنان نتيجة الفراغ الرئاسي، وعلى رغم أنّ سلطته هي لتصريف الأعمال إلا أنّه يمثّل الشرعية، وبالتالي يحاول القيام بخطوات من أجل تفادي وقوع أي حرب. إعترف ميقاتي سابقاً بخروج قرار السلم والحرب من يديه، فهذا الأمر تعرفه تركيا، كما سائر الدول وهو موجود عند «حزب الله» وإيران. وحاولت أنقرة منذ إندلاع أحداث غزة تحذير لبنان من نوايا تل أبيب حرصاً على البلد المنهار وليس من باب التضامن مع إسرائيل.

 

وأتت زيارة ميقاتي لتركيا لأسباب عدّة أهمها العلاقة المميزة بين بيروت وأنقرة، التي تسعى إلى لعب دور شرق- أوسطي وإهتمامها بأمن لبنان واستقراره، وتشكيلها قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها.

 

ومن جهة ثانية، على رغم وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية، تشكّل تركيا دولة مهمّة في حلف شمال الأطلسي، وتملك علاقات مميزة مع واشنطن والغرب، والأهم من هذا كله، لم ينقطع تواصلها مع تل أبيب على رغم مرور العلاقة بينهما بفترات توتّر.

 

لم يذهب ميقاتي الذي سيتواصل ويزور دولاً عدّة لطلب وساطة من أنقره أو التدخّل، بل بحث خلال اللقاء مع أردوغان في لجم نوايا إسرائيل العدوانية، وطلب المساعدة لدى دوائر القرار في عدم تمدّد الحرب وشمولها لبنان وتدمير ما تبقى من البلد، وهذه المخاوف عبّر عنها أيضاً الرئيس التركي، وهو أكّد العمل المستمرّ على تجنيب لبنان الحرب، في حين لا يستطيع أحد معرفة نوايا إسرائيل.

 

يهمّ الوضع الجنوبي تركيا، خصوصاً بعد مشاركتها في قوات الطوارئ الدولية بعد 2006، وأي حرب جنوباً ستضع هذه القوات في مرمى النيران. لذلك تجهد أنقره لعدم إمتداد نار الحرب إلى الجنوب وتعريض جنودها للخطر.

 

في خلاصة اللقاء، كان ميقاتي صريحاً في طلب مساعدة أنقرة، بدوره، لم يتأخّر الرئيس التركي في إبداء الإهتمام بالوضع اللبناني والعمل لحماية أمنه وتجنيبه الحرب المدمرة.

 

وإذا كان الوضع الجنوبي هو الأبرز، إلا أنّ المعلومات تتحدث عن تخوّف ميقاتي ومشايخ سنة ونواب من تفلّت الوضع الشمالي السني مع غياب مرجعية تيار «المستقبل». وظهر هذا الأمر بعد قصف إسرائيل الجنوب وسقوط ضحايا من طرابلس ومعهم أتراك. ومعروف أنّ أردوغان والحكم التركي هو لـ»الإخوان المسلمين»، وهناك مجموعات من «الجماعة الإسلامية» تقول إنها تقاتل في الجنوب تحت مسمى «قوات الفجر».

 

وتحاول تركيا وفق تقارير إستخباراتية إختراق شمال لبنان السني، وهناك بعض المجموعات الصغيرة متعاطفة معها تحت شعار، إما إعادة الخلافة الإسلامية التي انتهت مع الأتراك، أو نتيجة العامل الديني وفكر أردوغان و»الإخوان المسلمين».

 

وعلى رغم العلاقة الجيدة التي جمعت «المستقبل» وآل الحريري بأردوغان، إلا أنّ الجو السني بقي ضمن شعار «لبنان أولاً» ومع السعودية. وهناك تخوّف جدّي في الشمال من إستغلال غياب مرجعية الحريري والإنكفاء السعودي عن لبنان والساحة السنية، وإستغلال «الإخوان» هذا الفراغ لتثبيت الحضور.

 

ولا يوجد أهم من عنوان فلسطين والأقصى لشدّ عصب السنة، خصوصاً أنّ «حماس» تنتمي إلى «الإخوان المسلمين»، لذلك كان هناك طلب رسمي من تركيا لعدم إستغلال هذه الوضعية وإرسال الشباب السني للموت في الجنوب من دون أي أفق، وفقط للقول «إننا موجودون»، ما سيجعل الأمور أصعب جنوباً ويُدخل البلاد في دوامة إنحلال الدولة وجرّها إلى حرب مع إسرائيل وربما إلى حروب داخلية.