على الأرجح أن دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأميركية، زجّ نفسه في دوّامة يهودية لا يدرك أبعادها وانعكاساتها عليه، وعلى مستقبله السياسي. والعلاقة بين ترامب واليهود كانت ملتبسة في البداية. وكان والد ترامب يكنّ كرها شديدا لليهود، لا لشيء إلاّ لأنهم كانوا ينافسونه بشدّة في مجال أعماله العقارية في نيويورك، وغالبا ما هزموه فيها. ويبدو ان الإبن دونالد ترامب تعلم الأمثولة، وحاول تجنّب شرّ اليهود بالتودّد اليهم والتقرّب منهم لتسهيل أعماله قبل الرئاسة، وعيّن عديدين منهم في ادارته بعد انتخابه، وكان في مقدمة المقرّبين منه صهره اليهودي جاريد كوشنير زوج ابنته ايفانكا التي اعتنقت اليهودية.
***
من عناصر الدوامة التي أدخل ترامب نفسه فيها، انه اختار مايك بنس نائبا له في الرئاسة. وبنس في تكوينه العقائدي والسياسي يقف الى يمين ترامب في تعصّبه وتطرّفه ودعمه لاسرائيل والصهيونية. وهو مثل ترامب، فاشل ولكنه محظوظ. وخسر مرتين ترشيحه لمقعد في الكونغرس. ويصف بنس نفسه كمحافظ ومؤيّد لحركة الشاي الشهيرة في أميركا، ويختصر هويته بثلاث صفات وبهذا الترتيب: مسيحي، محافظ، جمهوري. وحركة الشاي تضمّ المتطرفين من الحزب الجمهوري، المشهورين بلغتهم العدائية والعنصرية ضدّ السود واللاتينيين والمسلمين!
***
الحرب الدائرة داخل البيت الأبيض انطلقت من تحوّل ستيف بانون، وكان من أقرب المقرّبين الى ترامب، الى أحد ألدّ أعدائه نتيجة لاصطدامه مع كوشنير صهر ترامب وزمرته اليهودية. ووصف كيسنجر هذا الخلاف داخل ادارة ترامب بأنه حرب بين اليهود وغير اليهود! وكان نائب الرئيس بنس يتذمّر في مجالسه الخاصة من تهميش ترامب له. ولعله لهذا السبب اختاره ترامب ليقوم بجولة في الشرق الأوسط في اطار مهمة تسويق قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. ويعتبر كثيرون من اليهود النافذين في الولايات المتحدة الأميركية ان بنس هو أضعف نائب رئيس عرفته أميركا على مدى العقود الماضية، وربما في التاريخ الأميركي! ومع ذلك فان الدوامة اليهودية التي أدخل فيها نفسه ترامب، تقوم على تحصيل أقصى التنازلات لاسرائيل، ثم العمل على عزله واحلال بنس محلّه رئيسا في البيت الأبيض!