Site icon IMLebanon

«ميليشات» معراب وبيت الوسط

 

ما قاله جبران باسيل عن إجباره على قبول الوزارة، لم يقله أحد قبله، ولن يكرره أحد بعده.

 

قول لا يسقط بمرور الزمن من تاريخ «الكوميديا السياسية». ولهذا لا غرابة إذا تناولناه… ولو بعد حين.

 

هو كلام لم يرد على لسان أي سياسي، لا في مقام الهزل، ولا على محمل الجد. إنه خارج المألوف. وهو ظاهرة، إذا صدقت، فهي لا تصدق إلا على النسّاك والقديسين.

 

لكن اللبناني، الشكّاك بطبعه، والذي لا يثق بكلام أهل السياسة، تعامل مع «التعفف الباسيلي» بكثير من التهكم.

 

يبدو أن الوزير الطموح قد بالغ بجنوحه نحو «الخيال الشعبوي». بحيث يستحيل تفسير الزهد الوزاري من غير الإستعانة بخرافة «ملائكة الأرض».

 

إذاً، في مواجهة خيال «الملاك الأرضي» جبران باسيل، لا مفرّ من اللجوء إلى «سيناريو متخيّل»، في محاولة عقلانية لحل لغز الزهد الأسطوري المفاجئ. فأن يجبر جبران، ويساق مقهوراً إلى «قصر بسترس»، فهذا يعني أن قوة خفية قامت بخطفه ونقله عنوة إلى مقر وزارة الخارجية.

 

بما أن حزبه البرتقالي لا يمكن أن يرتكب هذه الجريمة بحق رئيسه، وبما أن حلفاء «التفاهم والممانعة» لم يسجل في تاريخهم أبداً ممارسة العنف، لا يبقى أمام «السيناريو المتخيّل» سوى فرضية تحميل ميليشيات «معراب» و»بيت الوسط» مسؤولية خطف الرجل وتوزيره رغم أنفه.

 

أما وقد حدث ما حدث، وإلى أن يقوم «محور الممانعة» بتحرير سجين «قصر بسترس»، فإن جبران، شاء أو أبى، هو اليوم وزير خارجية لبنان. وهو فوق ذلك

 

قائد سلاح الديبلوماسية في مقاومة التآمر الأميركي. فشياطين واشنطن تفرض عقوبات على حزب الله. وتمنع النازحين السوريين من النزوح عن لبنان.

 

لكن القائد الباسيلي خيّب آمال محور الممانعة، برفعه الرايات البيضاء، في أول حرب مع أميركا تندلع في عقر داره في الأشرفية.

 

صحيح أنه إستبق وزير خارجية أميركا وقصفه بمواقف بطولية، أسكرت أقرب الحلفاء وأبعدهم، إلا أنه لم يشهر سيفه المقاوم، عندما تفرعن بومبيو، في المؤتمر الصحافي المشترك، وهاجم حزب الله وإيران بأشنع الألفاظ، ووصفهما بأبشع الصفات. مسجلاً بذلك أعنف حملة قدح وذم وهجاء في تاريخ الخروقات الديبلوماسية.

 

اختتم المؤتمر، وجرت بين المضيف اللبناني والضيف الأميركي مصافحة حارة رافقتها إبتسامة عريضة.

 

أي مرّ كلام بومبيو المنفعل ببرود لبناني مفتعل. والبرودة امتدت إلى الشارع الذي انفعل يوماً على شربل خليل واتهمه بالإساءة إلى «السيد».

 

والمذهل أيضاً أن بومبيو الذي قال كلمته ومشى، لم يخاطبه أحد من شخصيات حزب الله بالقول المأثور: طهر نيعك.

 

إنها أميركا… يخافون من قراراتها… ويخيفونها بهتافاتهم.

 

بالأمس سافر بومبيو.

 

غداً يبدأ الرد وتقرع طبول الغضب وتزدحم الشاشات بالمحللين والإستراتيجيين والكلمنجية… لكن، للأسف، غادرنا بومبيو وأخذ أذنيه معه.