IMLebanon

التشدد لحماية الاتفاق وترتيب النظام الاقليمي

مجلس الأمن اطلق بالقرار ٢٢٣١ مسار التطبيق المرحلي لاتفاق فيينا بين ايران ومجموعة ٥١. ومن الصعب تصور الخطاب المتشدد في كل من واشنطن وطهران مصمماً لعرقلة المسار، إن لم يكن غطاء لتسهيله. والأصعب هو تصور المسار في الشهور المقبلة مقتصراً على تطبيق النقاط التقنية في الملف النووي والجدول الزمني لرفع العقوبات الاقتصادية من دون بحث في نظام أمني اقليمي جديد بعدما انهار النظام القديم تحت ثقل الأزمات والحروب. والكل يعرف أن النظام الجديد يتطلب أوسع مشاركة اقليمية ودولية لرسمه على الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، لأن أية قوة اقليمية أو دولية عاجزة وحدها عن وقف الحروب ومواجهة داعش والارهاب وترتيب التسويات في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان.

ذلك ان طرفين متناقضين يلتقيان في القراءة اللاواقعية للاتفاق النووي: واحد يتصرف على أساس أن كل القضايا الاقليمية جرى التفاهم عليها بين اميركا وايران والباقي مجرد اخراج مسرحي للتفاهمات، وآخر يصدق ما كرره المفاوضون من نفي أي بحث في أي موضوع خارج الملف النووي. لكن منطق الأشياء يقود الى حد أدنى من القراءة الواقعية في مفاوضات أميركية – ايرانية بدأت سرية في مسقط بعدما قال السلطان قابوس في كانون اول ٢٠١١ لجون كيري الذي كان يومها عضواً في مجلس الشيوخ إن هناك فرصة لصفقة مع ايران، واستمرت سرية وعلنية في مدن وعواصم عدة الى اليوم.

وتروي النيويورك تايمس أن الرئيس باراك أوباما قال للوزير كيري على الهاتف في ربع الساعة الأخير عندما تعقدت الأمور وكادت المفاوضات تفرط: لا شيء يوازي خسارة فرصة لاعادة البرنامج النووي الى الوراء. لا بل ان كل شيء بالنسبة الى أوباما كان في المرتبة الثانية بعد الأولوية المطلقة للاتفاق، من دعم ايران للارهاب الى سجن المنشقين ودورها في سوريا والعراق. وحين يقول وزير الدفاع اشتون كارتر إن الخيار العسكري لا يزال على الطاولة، فإنه يعرف أن ليس على طاولة أوباما أي خيار عسكري. إذ هو بنى أكبر حجة للدفاع عن الاتفاق على كونه منع التورط في حرب لا يريدها البيت الأبيض ولا تضمن تعطيل المشروع النووي تماماً.

و السؤال هو: هل تبدلت الحسابات بعد التوصل الى الاتفاق؟ الى أي حد يجد المرشد الأعلى علي خامنئي أن مصلحة ايران تقضي ب ألا نتفاوض مع أميركا حول الشؤون الاقليمية والدولية؟ والى أية درجة يستمر أوباما في الحرص على ترك طهران تفعل ما تريد؟

المنطق البسيط يقول إن الاتفاق النووي يقود الى تفاهمات، لا الى صراعات.