رسمت عملية اغتيال المسؤول في حركة «فتح» في مخيّم المية ومية فتحي زيدان في صيدا، أكثر من علامة إستفهام حول تمدّد التوتّر الأمني إلى خارج خارطة المخيّمات الفلسطينية في المنطقة، خصوصاً أنها أتت في ظل حال من الإستنفار الشديد على كافة المستويات الأمنية الفلسطينية واللبنانية على حدّ سواء. وبات من الملحّ بحسب مصادر فلسطينية الكشف بسرعة عن كل خيوط هذه العملية الإرهابية، للجم أي امتداد لها إلى خارج أبواب مخيّم عين الحلوة الذي لم يستفق بعد من مسلسل الفلتان الأمني الذي تتجدّد فصوله منذ الصيف الماضي، وتتجسّد باشتبكات متنقّلة في كل أحيائه تحت عناوين وشعارات متفرّقة.
ومع عودة مسلسل الإغتيالات واستهداف أمن المخيّمات مجدّداً من قبل الإرهاب المتطرّف، تتكرّر المخاوف من الذي ستحمله المرحلة الآتية، خاصة أن الخلافات الفلسطينية الداخلية قد بلغت منطقة جغرافية خارج المخيّمات، وهو ما كان غير متوقّع، كما أكدت مرجعية سياسية في صيدا نشطت في الأسابيع الماضية على خط المخيّمات الفلسطينية، لمعالجة الإشكالات الأخيرة التي سُجّلت بين قوى فلسطينية متشدّدة ظهرت حديثاً في المخيّم، وعملت على إقحام أكثر من جهة فيه في الصراعات الدائرة في المنطقة. وكشفت المرجعية الصيداوية أن الأمن في المخيّمات ليس شأناً فلسطينياً داخلياً فقط نظراً للترابط الوثيق ما بين مخيّم عين الحلوة والجوار، بدلالة أن عملية تصفية الحسابات بين القوى الفلسطينية قد تمّت خارج أسوار المخيّم، وبالتالي، فإن الأمن بات في دائرة الخطر في منطقة صيدا التي تبدو محاصرة، كما المخيّمات، بفعل المخطّطات الإرهابية التي يجري الحديث عنها في بعض الأوساط الفلسطينية، والتي تهدف إلى زجّ الفلسطينيين في الصراعات الإقليمية.
وأضافت المرجعية أن المسؤول الفلسطيني الذي استهدف، وهو من أبرز قيادات مخيّم المية ومية، كان يقوم بدور بارز في تطويق تداعيات الإشكالات الأخيرة في الداخل الفلسطيني، وبالتالي، فإن الربط ما بين جريمة الإغتيال والإشتباكات المشبوهة في عين الحلوة الأسبوع الماضي، مؤشّر على أن الأمن في مخيّمي صيدا بات مكشوفاً ومستهدفاً في الوقت الراهن. ولفتت إلى المهام الأمنية التي قام بها زيدان بالتعاون مع قيادات الفصائل في عين الحلوة، وذلك بهدف قطع الطريق أمام محاولات المتشدّدين لجرّ المخيّم إلى الإقتتال الداخلي كمرحلة أولى، ومن ثم توسيع دائرة القتال إلى المناطق المجاورة في صيدا كمرحلة ثانية، وذلك ضمن مسلسل يجري العمل على تنفيذه منذ أشهر، ويبدو أن ظروفه الداخلية والإقليمية قد نضجت.
وانطلاقاً من هذه المخاوف الأمنية، تحدّثت المرجعية نفسها، عن أن اغتيال زيدان على مدخل مخيّم عين الحلوة يهدف أيضاً إلى القضاء على الحركة السياسية التي كان يقوم بها من خلال اتنسيق المباشر بين عين الحلوة والميّة وميّة، تمهيداً لإجراءات أمنية صارمة اتفقت عليها قيادات حركة «فتح» لتنفيذها بحق كل المتورّطين والمحرّضين على إشعال الوضع الأمني، وتنفيذ عمليات اغتيال ذات طابع فردي، ولكنها مترابطة، وذلك في سياق أمني مشبوه.
وخلصت إلى أن الأمن في مخيّمات صيدا مطروح اليوم أمام القيادات الفلسطينية كافة، كما المسؤولين السياسيين والأمنيين في صيدا، وقد شكّل محوراً لسلسلة من الإتصالات العاجلة في الساعات الماضية، للعمل على سدّ كل الثغرات الأمنية داخل وخارج المخيّمات والحؤول دون النيل من استقرار الميّة وميّة وعين الحلوة، و من استقرار مدينة صيدا والجوار.