لا نوافق الذين انتقدوا أمس الكلام الذي صدر عن قادة القوى العسكرية والأجهزة الأمنية الذين زاروا قصر بعبدا لتقديم التهاني الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالأعياد عشية قدوم العيد الجديد.
أصلاً لم يبقَ لنا من لبنان الذي عرفنا، وعشنا، وعشقنا… سوى هذه التقاليد الجميلة في الشكل وأيضاً في المضمون. وكذلك من حيث المبدأ فقد أثبت القادة الأمنيون أنهم ممسكون بزمام الأمور ليس في ما قالوه أمس بل في النشاط العملاني على الأرض… بما يمكن القول معه أنهم يؤدون أدواراً بالغة الأهمية من حيث ضبط الأمن، وأيضاً من حيث تعقب مرتكبي الجرائم وإلقاء القبض على معظمهم، إن لم يكن عليهم جميعاً في سرعة قياسية تكاد أن تكون غير مسبوقة في أي بلدٍ من بلدان العالم، كبيرها والصغير وبينهما المتوسط، غنيها والفقير، أولها و … الثالث عشر!
أمّا الأمن الاستباقي فهو الآخر يسجل لهذه القوى فرادى ومجموعة… فكم من مخطط أُحبط، وكم من مؤامرة اكتشفت وعُطلت في المهد!..
وبقدر ما كانت المناسبة، في قصر بعبدا الرئاسي، أمس، بروتوكولية، بقدر ما كانت تحمل من أملٍ وتصميم على المضي في تحمل المسؤولية بالرغم من الصعوبة والظروف والأجواء والتطورات والمستجدات المتسارعة. ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على ما يؤديه الجيش وقوى الأمن الداخلي من ضبط للأوضاع وضبط… للنفس، وما يتعرض له الضباط والرتباء والعناصر من تحديات ومن رشق أحجار ومن زعرنات تصل أحياناً الى حدّ الشتائم (مع الاعتراف بأن من يقوم بذلك قلة أقل من قليلة) فإنهم – عموماً – يتحلون بالصبر الجميل وطول الأناة والتعامل حتى مع المسيئين إليهم بمحبة فهم أصلاً من هؤلاء الناس المنتفضين في الشوارع والساحات والذين هم في أكثريتهم الساحقة يبادلون قوى الأمن المودة والاحترام وأطيب المشاعر.
وعندما دعاهم فخامة الرئيس عون، أمس، الى التيقظ، لمِسَ لديهم أنهم على أهبة الاستعداد لكل ما قد يواجههم (ليس على صعيد الناس المنتفضين بالطبع الذين هم أهلهم) إنما على صعيد ما قد يكون المتربصون بلبنان شراً يخططون له.
وكان تأكيد من قائد الجيش العماد جوزاف عون بأن جيشنا اللبناني المستمر في تحمل المسؤولية «حريص على السلم الأهلي ومنع الفتن».. وأما اللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام فربط إرساء دولة القانون بالشرعية الدستورية والديموقراطية. وأمّا اللواء عماد عثمان مدير عام قوى الأمن الداخلي فكشف عن إصابة 295 من قوى الأمن خلال المواجهات مع المحتجين. بدوره اللواء طوني صليبا مدير عام أمن الدولة قال بوضع حد لمنطق المحسوبيات والامتيازات والحصانات. وذهب مدير عام الجمارك بدري ضاهر الى الحديث عن الحاجة الى تغيير وإصلاح حقيقيين.
إنها الأسلاك العسكرية والأمنية التي بالرغم من كل شيء وبالرغم من الظروف كلها، تبقى القدوة والمثال.
خليل الخوري