Site icon IMLebanon

شكوك حول استهداف دور المؤسسات العسكرية والأمنية في حفظ الاستقرار

 

تأجيج الخلاف بالداخلية والدفاع دلالة على هشاشة التركيبة السلطوية والسياسيَّة

 

 

لا يمكن اغفال النوايا المبيتة وراء قيام وزير الداخلية بسام مولوي، بتأجيج الخلاف مع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في هذا الظرف بالذات، على خلفية ما يتردد بتجاوز الصلاحيات، او اي تباينات يُحكى عن حصولها في التعاطي بينهما، وصولا إلى ربط هذا الخلاف بملفات «فساد» بمواصفات سياسية فاقعة، لاستهداف مؤسسة قوى الأمن الداخلي، باعتبارها احدى الركائز الاساسية مع الجيش والقوى الامنية الاخرى، في مكونات الدولة، أكان بالحفاظ على الأمن والاستقرار العام وتكريس سيادتها ووحدة اراضيه، او بمكافحة بمكافحة الجرائم على انواعها، وكشف شبكات التجسس وتجار المخدرات، وإضعاف دورها وتأثيرها، لحساب ومصالح المتربصين شرًّا بلبنان.

وما اثار الشكوك اكثر حول ما يحاك وراء تصعيد الخلاف على النحو الجاري، تزامنه وحتى تشابهه، مع الخلاف الناشب منذ مدة بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، حول مسائل مشابهة في بعض جوانبها، بما يتعلق، ما قيل عن تضارب في الصلاحيات وخلافات إدارية سطحية، ما أدى إلى عرقلة اجراء تشكيلات متوجبة وضرورية، والتسبب بعدم انتظام تسيير أمور ومسائل إدارية تتعلق بتأمين حاجات الجيش الضرورية، في الوقت الذي تزداد الاعباء والمهمات التي تلقى على عاتق الجيش، لمواجهة الاحداث الامنية المعقدة في أكثر من منطقة، بينما يعاني عناصره من الامرَّين، جراء تداعيات الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي الحاصل في لبنان.

أكثر من ذلك، يلاحظ ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يقف علانية، وراء تصعيد الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش، لإرباك وضعضعة القيادة، وإضعاف حظوظ العماد عون بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بعد تصدره لائحة المرشحين لهذاالمنصب، وفي اطار تصفية الحسابات السياسية عن مرحلة تردي العلاقات بينهما في عهدالرئيس ميشال عون، بينما لا يسقط من الحسابات مدى ارتباط تفاعل الخلاف الحاصل حاليا، بين الوزير مولوي واللواء عثمان، وعلاقته بالتيار الوطني الحر، لاسيما وان وزير الداخلية كشف في ظهور اعلامي منذ شهور، أنه زار باسيل قبل توزيره، ورد على جملة تساؤلات واستفسارات طرحها، وحاز على موافقته المسبقة للتوزير.

انطلاقا من هذه الوقائع، لو كانت النوايا صادقة، وليس لها أي اهداف مشكوك فيها، او طموحات سلطوية يحكى عنها، كان بامكان وزير الداخلية، معالجة التباينات او الخلافات التي تنشب مع المدير العام لقوى الامن الداخلي، أيًّا كانت بهدوء وروية، بعيدا عن الاثارة السياسية والضجيج الاعلامي، حفاظا على سمعة الوزير والوزارة، وإبعاد اي تداعيات على معنويات قوى الأمن الداخلي، او التأثير سلبا على جهودها في القيام بالمهمات المنوطة بها بموجب القوانين المرعية الاجراء.

اما لجوء وزير الداخلية إلى اسلوب التهويل، بملاحقة المدير العام لقوى الامن الداخلي، بما يروج انها ملفات فساد، مدبلجة من قبل قاضية التيار العوني غادة عون في وقت سابق، فهذا دليل إضافي على مدى ارتباط إثارة الخلاف الحاصل لأسباب سياسية، لها علاقة بعلاقة ما بين الوزير مولوي ورئيس التيار الوطني الحر، في اطار تسديد حسابات الموافقة على توزير مولوي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وهو اسلوب فاشل، وسيرتد سلبا على الوزير وادائه المتردي من الأساس.

كان الاجدى بوزير الداخلية، تجنب تصعيد الخلاف الحاصل مع اللواء عثمان في الظروف الصعبة الحالية، والاستمرار في الاتكاء على إنجازات المديرية وقطعاتها المتعددة، في كشف وملاحقة المجرمين والمهربين والمحتالين على انواعهم، للتغطية على قصور الوزارة في ادارة وتسيير العديد من الدوائر التابعة لها والتركيز على الاهتمام بالمهمات التي تقع ضمن مسؤوليته، والتي سجل فيها غيابا ملحوظا، أكان في اشتباكات عين الحلوة الدراماتيكية المتواصلة منذ أكثر من شهر وتداعياتها الماساوية على الجوار، أو حادث شاحنة سلاح حزب الله الايراني في الكحالة، والعديد من الاحداث الامنية، التي تولى الجيش وقوى الامن الداخلي مسؤولية تطويقها.

أكثر ما تكشفه وقائع تزكية الخلافات، إن كان في الخلاف الحاصل بين وزير الدفاع وقائد الجيش أو في وزارة الداخلية، او بين اعضاء الحكومة الميقاتية انفسهم، هو مدى هشاشة التركيبة السلطوية عموما، وضعف الاداء السياسي على كل الصعد، ماينعكس سلبا، في حل الأزمة القائمة، واخراج لبنان من مأزق الانهيار الحاصل.