IMLebanon

العسكريون المخطوفون.. قضية وطنية بامتياز ودولة غائبة عن واجباتها؟!

أربعماية وثمانية وعشرون يوماً مرّ على جريمة اختطاف العسكريين اللبنانيين في منطقة عرسال، من قبل جماعات مسلحة يقال انها تنتمي الى «داعش» كما يقال انها تنتمي الى «النصرة» واخواتهما، ولم يحصل أي تطور ايجابي ما يعيد العسكريين الى أهاليهم وعائلاتهم ووطنهم والى مؤسستهم التي لم تقصر في واجب يوماً، وذلك على الرغم من كثافة الاتصالات والوساطات التي نشطت، على غير جبهة، في مرحلة ما، ولم تصل الى نتيجة، فنامت «نومة أهل الكهف» وما عاد أحد يسمع شيئاً عن هذه القضية الوطنية بامتياز، التي تعني كل اللبنانيين، على تنوع انتماءاتهم واصطفافاتهم السياسية وغير السياسية، وتمس أمن الدولة اللبنانية قبل كرامتها..؟!

يوم أمس عاد الحراك الشعبي على خلفية العسكريين المخطوفين الى الساحة من جديد.. وقد كان تعبيراً عفوياً صادقاً، من دون أية خلفيات سياسية او غير السياسية، ونزل الأهالي الى شارع المصارف في وسط بيروت، ومن هناك انتقلوا الى طريق المطار حيث قطعوها بالاطارات المشتعلة، متمنين على اللبنانيين، كل اللبنانيين ان يناصروهم في هذه القضية، بعدما أدار الافرقاء كافة، الظهر ولم يعد أحد يسمع بها.. على رغم الجهود التي بذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي لم يوفر جهداً لانجاز هذه المهمة واطلاق المخطوفين.

لوقت مضى، قيل إن المسألة باتت قاب قوسين أو أدنى من ان يعود العسكريون احراراً.. وجرت اتصالات مع العديد من الدول في الخارج، الاقليمي والعربي والأجهزة الأمنية للمساعدة على انجاز ما تم وصفه بأنه «صفقة».. لكن، ومن دون أية مقدمات لافتة، تم طي هذا الملف ولم يعد يجري التداول به على مستوى الحكومة، او على مستوى الافرقاء داخل هيئة الحوار، وجرى تغييب العنصر الخارجي سريعاً..

يتكتم اللواء ابراهيم على كل ما جرى معه، وكل ما توصل اليه من معطيات، وهو كان وضع بعض أركان الدولة اللبنانية في الأجواء طالباً المساعدة في عدة أمور وحسم بعض المسائل، التي من بينها «الثمن» الذي بامكان لبنان ان يدفعه مقابل اطلاق العسكريين.. وقد ترددت في العديد من الاوساط معلومات عن ان الدولة – الحكومة، حسمت خيارها، وان عملية التبادل جرى الاتفاق عليها واقرارها، حيث يستحيل في قضية من هذا النوع «الرهان على الجانب الأخلاقي المجرد.. فلك شيء ثمنه..».

لكن، ومن دون أية تبريرات، عادت القضية لتوضع في جوارير الاهمال والنسيان.. ولم يعد يظهر في التداول، ان هناك من تعنيه هذه القضية الوطنية بامتياز، والافرقاء، خصوصاً أولئك الذين تتشكل منهم «حكومة المصلحة الوطنية» منشغلون بخلافاتهم و«أولوياتهم»، الى درجة ان طاولة الحوار، لم تأتِ، لا من قريب ولا من بعيد، على هذه القضية وما تعنيه وطنياً وانسانياً وأخلاقيا وأمنياً؟.

لم يأتِ خطف العسكريين اللبنانيين من فراغ، والقوى المعنية معروفة، الارتباطات في الداخل والخارج.. وبعيداً عن «السيناريوات» التي تتسرب بين فترة وأخرى، فإن اللواء ابراهيم وصل الى مرحلة يكاد يقول فيها على الملأ: «اللهم اشهد أني قد بلغت». وهو الذي يعرف كل صغيرة وكل كبيرة، ويعرف المسارب والمخارج والأثمان المطلوبة، وكيف السبيل الى الخروج من هذه القضية التي تفوق – وعلى الأقل تساوى – بانسانيتها وجوهرها، سائر القضايا والملفات التي تعج بها الساحات الداخلية التي باتت حاضرة عند كل ملف من الملفات الحيوية الضاغطة، وليس في متناول الحكومة أي امكانية لاجراء اللازم، بعدما كبلت يديها بآلية عمل، شلّت الحكومة، وعطلت عمل العديد من المؤسسات واللبنانيون يرزحون تحت ضغوط ملفات الزبالة، والكهرباء، والماء وسلسلة الرتب والرواتب.. في ظل شغور رئاسي دخل يومه الثامن والتسعين بعد الاربعماية على التوالي، من دون ان يظهر على خط الاتصالات ما يشجع على تحديد مهلة زمنية معينة لانجاز هذا الاستحقاق الذي جرى ربطه – و«بإجماع وطني» بتطورات الخارج التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم..

ليس من شك في ان «طاولة الحوار» العاجزة، عن سابق اصرار وتصميم، عن ايجاد مخارج للأزمة – الازمات اللبنانية المكدسة، لن تكون في موقع المؤهل لادارة ملف على هذا القدر من الأهمية الوطنية – الانسانية، كملف العسكريين المخطوفين.. و«الحواريون» يدورون في ملفات مفرغة في مسلسل «إضاعة الوقت» بانتظار تطورات ما تسعف هذا الفريق او ذاك وتعزز من امكاناته لفرض شروطه ومطاليبه..

الواضح، ان أهالي العسكريين، ليسوا في وارد ان يتحولوا الى أزمة، لكن من واجب المؤسسة العسكرية – التي تدور من حولها خلافات لم تعد خفية على خلفية الترقيات والتعيينات – ان تعود الى الامساك بهذا الملف وتمضي في التنسيق التام مع اللواء ابراهيم الذي بيده مجموعة أوراق ومعطيات مؤهلة لاعادة اطلاق العمل على هذا الخط ليعود المخطوفون الى وطنهم وأهاليهم وعائلاتهم؟!