حل عيد الجيش السبعون هذه السنة فيما الكباش السياسي يشتد على خلفية التعيينات الامنية والعسكرية، من دون الاحتفال المركزي التقليدي الذي يتم خلاله تسليم الضباط الجدد المتخرجين سيوفهم،في حفلة استنزاف لا تقف عند محطة، مع بدء معركة انتهاء خدمة رئيس الاركان في السابع من آب ، والتي تشكل ممرا الزاميا إلى المعركة الأكثر ضراوة والمتمثلة بانتهاء خدمة قائد الجيش في أيلول.
شعار الجيش في كل المراحل وخصوصا في هذه الفترة « الحكمة والحزم» ، فالجيش ابن هذا المجتمع وهو لا يمكنه ان يكون طرفا ، بحسب ما اكد قائده اكثر من مرة، واكدت مصادر متابعة ان الجيش يتابع بخطى واثقة إنجازاته اللافتة في محاربة الإرهاب، في الداخل بمؤازرة الأجهزة الأمنية الأخرى، راصدا ، مراقبا،ومداهما الإرهابيين، وعلى الحدود مدافعا بفعالية حاميا المواطنين صادا المتسللين ، مبادرا في كلتا الحالتين ، منفذا العمليات النوعية الامنية والعسكرية ، محققا اهدافه ، حائزا تنويه واعجاب الملحقين العسكريين الاجانب في بيروت، خاصة ان الوقائع بينت نجاح الجيش اللبناني الاستثنائي من بين كل دول المنطقة في مواجهة «داعش» وصدها والانتصار عليها.
في هذا الاطار تشير المصادر المتابعة الى ان استراتيجية القيادة المعتمدة ادت الى اضعاف الوضع الدفاعي للمسلحين في الجرود من الناحية العملانية واللوجستية والمعنوية مقارنة مع الجهوزية العملانية المرتفعة لوحدات الجيش المنتشرة مقابلهم، حيث ان أوامر العمليات المعمول بها والمعممة على الوحدات العسكرية تحمل في داخلها أمراً واضحاً ومحدداً لا يقبل التأويل بان تفرض وحدات الجيش، ضمن حدود مسؤوليتها، سلطة الدولة والقانون والنظام وتوقيف المخالفين والمجرمين على كامل الأراضي اللبنانية ، وهذا الأمر يستند إلى قرار واضح من السلطة التنفيذية وله مفاعيل قانونية ملزمة لوزير الدفاع ولقيادة الجيش ويتمتع بمشروعية دستورية كاملة توازي تلك المتعلقة بالأعمال الإدارية والسياسية والقانونية التي يمارسها مجلس الوزراء حالياً.
ساعد على تنفيذ تلك الاستراتيجية ، بحسب المصادر النقلة النوعية التي شهدتها الفترة الاخيرة ، مع «تدفق» المساعدات من اكثر من جهة ، غربية وعربية ، سمحت للجيش بتأمين هامش مناورة كبير، سواء لجهة الاسلحة التي وصلت حديثا من مدافع وصواريخ مضادة للدروع مع ذخائرها حيث بات الجيش يملك مخزونا ضخما ، كذلك سلاح الجو من خلال طائرات السيسنا وصواريخ الهيلفاير ، والطوافات التي جرى تسليحها ،مرورا بكاميرات المراقبة الليلية والكاميرات الحرارية والآليات المصفحة والاسلحة الفردية والخوذ ، التي امنت سلامة العناصر المنتشرة على طول مواقع الجبهة. وقد انتج التكامل والتعاون بين مختلف تلك الوحدات انجازات كبيرة على الارض ادت الى شل قدرة عمل المسلحين ، وطبعا بفضل سرعة استيعاب العسكريين لتلك الاسلحة وادخالها الخدمة الفعلية في غضون ايام من تسلمها.،لافتة في هذا المجال الى عشرات دورات التدريب التي تجري على مدار ايام السنة بمشاركة عسكريين عرب واجانب من مختلف الاختصاصات .
اما على الصعيد الامني والاستخباراتي ، تشير المصادر الى تحسن مستوى التعاون والتنسيق بين الاجهزة اللبنانية ، في ظل ورشة التحديث القائمة سواء لجهة التقنيات او تدريب العنصر البشري ، فضلا عن ارتفاع وتيرة التعاون مع الاجهزة الصديقة من غربية وعربية، ما ادى الى تنفيذ اكثر من عملية داخل وخارج لبنان، وحيث خاض الجيش في السنتين الاخيرتين معارك صعبة في مواجهة وملاحقة الارهابيين ونجح في توقيف عشرات الرؤوس المدبرة وزعماء مجموعات ومنفذين، بين عرسال وطرابلس وعكار وبيروت . بينهم مطلوبون دوليون كماجد الماجد، وفكك خلايا كانت تخطط لاستهداف مدنيين ومقرات عسكرية ودينية ودبلوماسية ورسمية واوقف انتحاريين وقضى على مشاريع امارات في عدد من المناطق، ليس آخرها،توقيف الاردني من اصل فلسطيني، والذي يحمل جواز سفر دولة غربية، م.ع.م، بالتعاون مع جهاز المخبرات العامة المصرية ،بعد توافر معلومات عن ممارسته لانشطة ارهابية في اكثر من دولة عربية حيث يعمل على تنسيق الجهد الإرهابي على المستوى الإقليمي وتوحيده ، تمتد من غزة الى مصر مرورا بليبيا والاردن وصولا الى لبنان، حيث كان يعتزم تنفيذ سلسلة من العمليات الارهابية تستهدف مقارا دبلوماسية في بيروت.
وسط كل ذلك غصة ودمعة في العين ، عندما يستذكرون الجنود الاسرى ، الذين لم يغيبوا يوما عن البال ، وحيث العمل الدؤوب بعيدا عن التصاريح والتسريبات لاطلاقهم.، وحيث تكشف المصادر ان قيادة الجيش تدرك جيدا اوضاع الاهالي وهي تتقاسم معهم نفس المعاناة لغياب ابنائها الابطال ، الذين اجادوا يوم المعركة ، ولم يتاخروا عن تادية واجبهم والوفاء بقسمهم خلافا لكل ما يقال ويشاع، كاشفة ان الجيش لم يفرط بهم وان الروايات التي تتحدث عن سماح الجيش في اطار صفقة سياسية بانسحاب العسكريين مع المسلحين الى الجرود من داخل عرسال ، واستغلال السياسيين لتلك المعلومات المغلوطة ، انما هو تجن واضح ومحاولات رخيصة للاستثمار على كرامة الجيش ومعنويات عناصره ، ذلك ان ايا من اسرى الجيش لم يدخل الى عرسال قبل نقله الى الجرود، بل اكثر من ذلك العسكريون الذين اسروا داخل البلدة تم اطلاقهم قبل انسحاب المسلحين منها ، وهو كان شرط اساسي لقيادة الجيش بانه لن يسمح باخراج اي اسير من عرسال.
في هذه الظروف يحتفل الجيش اللبناني بعيده السبعين في حال استنفار وجهوزية محاولا تأدية مهامه بكل ما اوتي من قدرات وتجهيز مواجها في كل لحظة كل الاخطار الامنية والتهديدات التي قد تأتيه من الداخل او من خلف الحدود.
وفي الانتظار سبعون عاما مرت، ومسيرة الشرف والتضحية والوفاء متواصلة ومتصاعدة، عند حدود الوطن في وجه عدو ، وعند حدود الحفاظ على المجتمع في مواجهة الارهاب ، سطرها الجيش اللبناني ببطولات عدة ،من ابرز جولاتها الحرب المفتوحة على الارهاب التي تتوالى فصولا.