نجحت الضغوط الغربية، الأميركية والبريطانية، حتى الآن، في منع لبنان من توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع روسيا الاتحادية. فمن «الغبار» في أدراج اللجان النيابية، إلى «العتمة» في أدراج الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفيل، تنام اتفاقية التعاون العسكري اللبناني ــ الروسي بأمر من رئيس الحكومة سعد الحريري، تنفيذاً لرغبة غربية في التحكّم بنوعية سلاح الجيش اللبناني، وحصر تعاونه مع جيوش حلف «الناتو».
يمكن مجلس الوزراء أن يوافق على طلب وزارة الدفاع والإجازة للوزير بتفويض من يراه مناسباً للتوقيع على «مشروع ترتيب تقني بين وزارة الدفاع ووزارة الدفاع الكندية بشأن التعاون العسكري» في جلسة 7 آذار الماضي، لكن لا يمكن مجلسَ الوزراء أن يضع على جدول أعماله تفويض توقيع اتفاقية التعاون العسكري مع موسكو إلى وزير الدفاع يعقوب الصراف. الغريب، أن عشرة وزراء على الأقل سألتهم «الأخبار» عن الاتفاقية مع كندا، لا يدرون إن كان مجلس الوزراء قد أقرّها، أو لم يفعل، ولم يسألوا أصلاً عن ماهيتها. فلا يهمّ إن كان هناك تكريس رسمي لتحويل الجيش إلى جزء من «الناتو» وإدخال لبنان رسمياً في «سياسة المحاور»، في زمن يشتدّ فيه صراع القوى وسباق التسلّح بين روسيا والحلف الأطلسي، من أوراسيا إلى المتوسط.
وزراء لا يتذكّرون أن مجلسهم أقرّ «التعاون العسكري» مع كندا!
في الحسابات الروسيّة، أنجز الخبراء نص الاتفافية العسكرية، وأقرتها الجهات المعنية في موسكو كاملة، وهي تنتظر توقيع الجانب اللبناني. يطمح الروس أن يكون التوقيع بداية نيسان المقبل، خلال زيارة وزير الدفاع يعقوب الصّراف ووفدٍ من قيادة الجيش، للمشاركة في أعمال مؤتمر الأمن الدولي السابع في العاصمة الروسية، الذي يشارك فيه عشرات وزراء الدفاع حول العالم. وبحسب المعلومات، أنهت قيادة الجيش بدورها الجزء المتعلّق بها، وزوّدت وزير الدفاع بالنّصوص اللازمة، فيما أنجز الصّراف من جهته مهمته حتى الآن، برفع الطلب إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لإدراج قرار منحه تفويض توقيع الاتفاقية على جدول أعمال الحكومة، منذ أسبوع على الأقلّ.
ليس هذا فحسب، علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أكّد عبر وسطاء للجانب الروسي أن الاتفاقية ستوقّع، وأن عون يرحّب بالتعاون العسكري مع روسيا ويرغب به، وأن بعبدا حريصة على التوازن في علاقات الجيش مع الجيوش الصديقة، في وقت يؤكّد فيه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ضرورة توقيع الاتفاقية.
وكذلك أبلغ الصّراف، شفهيّاً، المعنيين عن الجانب العسكري الروسي هنا في بيروت، نيّته توقيع الاتفاقية مع نظيره الروسي سيرغي شويغو في مؤتمر الأمن الدولي السابع، لكنّه ينتظر قرار التفويض من مجلس الوزراء.
عدم إدراج البند على جدول مجلس الوزراء أمس، يجعل من جلسة الحكومة يوم الثلاثاء المقبل، المهلة الأخيرة أمام الحكومة لمنح التفويض للصرّاف. وبذلك يبقى أمام وزير الدفاع اللبناني، أسبوع واحد لإبلاغ الروس بقرار الحكومة، لكي يتسنى لوزارة الدفاع الروسية الشروع بإعداد جدول أعمال شويغو على هامش أعمال المؤتمر، وتأكيد توقيع الاتفاقية. وليس واضحاً بعد، إن كان الحريري سيضع الاتفاقية على جدول مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، أو أن مهلة مؤتمر الأمن الدولي السابع، ستمرّ من دون توقيع الاتفاقية في استمرار لسياسة المماطلة وتلبية للضغوط الغربية، الساعية إلى «حصار» الجيش اللبناني، بالتسليح والتدريب والاتفاقيات.