IMLebanon

المحكمة العسكرية لن تلغى

اذا كان شعار قوى 14 آذار هو الدولة ومؤسساتها، فانها تخطئ كل مرة تحتج فيها على امر ما، فتلجأ الى الاعتراض، واستنهاض الهمم، واطلاق المواقف التي لا تستتبع بخطوات متابعة وتنفيذ. لا نريد لهذه القوى ان تلبس القمصان السود وتنزل الى الشارع للاعتراض باقفال الطرق وحرق الاطارات، وإن كانت هذ التحركات شعبية احيانا، اي عفوية، ولا يمكن ضبطها دائما، خصوصا لدى فريق 14 اذار غير المعسكر والممسوك امنيا، كما نظرائه في 8 اذار. لكننا نريد ان تضع هذه القوى او بعضها رؤية استراتيجية لما تريد ان تحققه، والسبل والخطط، ولو طويلة الامد، لبلوغ تلك الاهداف. من الخطأ ان تتحول القوى صاحبة مشروع الدولة الى ردات الفعل، بدل ان تكون هي المبادرة الى الفعل، ومتحسبة لردات الفعل.

نعلم ان الظروف غير مناسبة لإلغاء المحكمة العسكرية، اذ ان الامر يحتاج الى توافق وطني سياسي، وتفاوض مع مؤسسة الجيش التي تخوض معارك، وتخاض معارك ضدها، ولا يمكن حتى تغيير قضاتها الضباط لانه سيعتبر انتقاصا من كرامتهم، وخصوصا العسكرية، واعترافا بأنهم اخطأوا في التقدير وفي القرار، وهذا الاعتراف سيفتح عليهم ابواب جهنم في سلسلة من القرارات التي يرفضها البعض. كما ان المسّ بقضاتها المدنيين في التمييز يعتبر تعديا على الجسم القضائي بمجمله بما لا يساعد في عملية التغيير المطلوبة.

اما محاولة ربط المحكمة بقوى في 8 اذار وتحديداً “حزب الله” فخطأ – لا خطة – استراتيجي لانه سيدفع بهذه القوى الى توفير غطاء وحماية لتلك المحكمة، ومنع الهجوم على قضاتها، وهو ما قد يدفع هؤلاء الضباط والقضاة الموضوعين في دائرة الاتهام الى احضان الحماة والرعاة المفترضين. ربما يتحول طرح الغاء هذه المحكمة مضيعة للوقت، واضفاء المزيد من الاحباط لدى جمهور قوى 14 اذار الذي قد يلاقي الفشل في مطلبه. وربما يكون المخرج في ما عرضته الوزيرة اليس شبطيني، وهي القاضية في المحكمة العسكرية سابقا، من الانطلاق في تعديل بعض صلاحيات تلك المحكمة، ودائما من بوابة القانون، اي من بوابة ساحة النجمة، اذ ان القرارات الصادرة عنها لا شائبة قانونية فيها، وانما يمكن الاعتراض على توقيتها ابطاء او تسريعا، وعلى اختيار الملفات وتقديمها او تأخيرها.

لقد اخطأت قوى 14 آذار مرارا بعدم الذهاب باعتراضاتها الى مجلس النواب عبر مشاريع قوانين، او تقديم مشاريع تنسى بعد حين في الادراج ولا تتوافر لها المتابعة الحثيثة. صحيح انها مشاريع لن تقر في غياب التوافق، او لن يضعها رئيس المجلس على جدول الاعمال بل يبقيها في مقبرة اللجان، لكن الاكيد ان 14 آذار ستسجل لناخبيها ومناصريها، وللتاريخ انه كان لها شرف المحاولة، فتكشف المعطلين والمعرقلين.