Site icon IMLebanon

تشكيلات عسكرية قريبة.. بينها قائد فوج مغاوير جديد

بين يوم وآخر يتقرّر مصير حكومة تمام سلام. إما تكمل بما تبقى من «هيكل» حكومي وإما تطيح التسوية، التي لم تولد، توازنات عمرها من عمر الصفقة التي حيّدت الداخل اللبناني عن الصراع في المنطقة. «فريق» التناقضات والمصالح المتضاربة الذي ولد في 15 شباط 2014 ظلّ عنوانا لسقف الاستقرار المطلوب دوليا بعد التكفّل بجعل الامن تحت السيطرة أيضا.

مرّت تركيبة سلام بمطبّات كثيرة، لكن كأس الاستقالة بقيت نسبيا بعيدة عن طاولة تصفية الحسابات بالرغم من إيحاء ابن المصيطبة أكثر من مرّة برغبته التخلّي عن مسؤولياته في كل لحظة كان يشعر فيها بالوصول الى الحائط المسدود.

اليوم صار الحديث عن حكومة سلامية تصرّف الاعمال من باب الاحتمالات المطروحة بقوة. صحيح أن لا مصلحة لـ «حزب الله» بخيار كهذا، لكن ثمّة من يلمّح الى أن الحزب يتعاطى بواقعية أكبر مع واقع إذا استجدّ سيشكّل تفصيلا غير مرئي في ظل «الإعصار» الروسي الضارب في المنطقة.

والمتمسّكون بهذه النظرية يذكّرون بالتصريح «التبشيري» لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بقرب «انهيار الحكومة» بعد رفض كل اقتراحات التسوية. كان سبقه سلام نفسه حين حذّر من خطر الانهيار بسبب الشلل التام والعجز حتّى عن رفع القمامة من الشوارع!

كل المبرّرات التي «تشرعن» استقالة الحكومة أو إسقاطها أو دخولها مدار تصريف الاعمال، حاضرة بقوة. من الحكومة المعطّلة، الى مجلس نواب «الكوما»، وحوار عين التينة المتعثّر، والشغور الرئاسي «المسلطن»، والنفايات الشريكة في المحاكمات المفتوحة ضد رموز السلطة، وخطّة «الزبالة» التي لم تر النور بعد، وتسوية التعيينات والترقيات التي حوّلت الى تصفية حسابات متأخّرة مع ميشال عون والخلاف المستحكم حول الآلية الحكومية في ظل غياب رئيس الجمهورية…

تحدّد المادة 69 من الدستور شروط استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة. في الوضع الراهن، ثمّة عاملان مؤثّران قد يقودان الى هذه النتيجة نفسها:

فقدان الحكومة أكثر من ثلث أعضائها، أي استقالة تسعة وزراء على الاقل. في هذه الحال، يحتاج ميشال عون إذا قرّر قلب الطاولة الى تضامن جميع حلفائه معه، في وقت تطرح تساؤلات كثيرة عن مواقف «حزب الله» و«المردة» و«الطاشناق» بشأن جدوى الاستقالة، مع العلم ان موقف الرئيس نبيه بري حاسم حول إبقاء الحكومة شغّالة في كل الظروف.

والعامل الثاني هو تقديم رئيس الحكومة استقالته، وهو أمر يحذّر منه سلام، لكنه على الاقل ليس في وارد الإقدام عليه في هذه اللحظة المفصلية.

كبرى التساؤلات هي لمن يقدّم رئيس الحكومة استقالته في ظل غياب رئيس الجمهورية؟ وإن فعلها فهل تعتبر حكومته مستقيلة تلقائيا حيث يفترض برئيس الجمهورية توقيع مرسوم الاستقالة والدعوة الى إجراء استشارات نيابية ملزمة؟

ثمّة مشاهد كاريكاتورية ينسجها بعض الذين يتخيّلون عون «يفجّرها» داخل الحكومة ويدير ظهره مقدّما استقالته أو ان يرتفع مستوى الادرينالين لدى تمام سلام فيرمي الاستقالة بوجه من لا يريد لحكومته ان تعمل! رئيس الجمهورية مفقود حتى إشعار آخر، فكيف سيتمّ التعاطي مع حالة لم يلحظها خبراء الدساتير والقوانين لأنهم لم يتخيّلوا ان اللبناني يمكن ان يصل الى هذا الحد من العبثية في السياسة؟

بمطلق الأحوال، حين يحكى عن انهيارات حكومية وشلل تام لا يكون المقصود تماما استقالة «تمام بيك» المقاوم حتى اللحظات الاخيرة، أو استقالة وزراء عون المستحيلة حتى اليوم لأن بعض الحلفاء ليسوا في مزاج للاستقالة. سقوط التسوية، بمفهوم السلّة الكاملة، التي تمسّك بها رئيس «تكتل التغيير والاصلاح»، قد تدفع الأخير الى اللجوء الى التعطيل الكامل: لا مشاركة في جلسات الحكومة، لا مشاركة في جلسات مجلس النواب، لا مشاركة في الحوار!

«سيصرّف» البلد «الاعمال» وليس فقط الحكومة التي تعمل اصلا بمنطق تصريف الاعمال، لا بل أسوأ. ميشال عون كعادته لا يكشف كل أوراقه دفعة واحدة.

في السابق هدّد وتوعّد بإيقاف مسار عمل الحكومة اعتراضا على عدم إجراء التعيينات العسكرية وتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية من قبل الحكومة وعدم التوافق على الآلية الحكومية، لكن الالتزام لم يكن كاملا حيث تغاضى عن قرارات حيوية تمّ إقرارها دشّنت ببند دعم الصادرات الزراعية ثم مستحقات المستشفيات وإقرار بند اعتمادات رواتب الموظفين وسندات اليوروبوند… نزل الى الشارع ايضا لكن الخطوة بقيت من دون استثمار ملموس في السياسة.

بعد تظاهرة 11 تشرين الاول أمام مفرق القصر الجمهوري في بعبدا، والتي يفترض أن تشهد مشاركة عونية هي الأكبر منذ عودة «الجنرال» من المنفى عام 2005، سيبدأ العدّ العكسي لحسم وجهة التسوية ومصير الحكومة برمتها.

وفيما أفادت معلومات أمس عن قرب صدور تشكيلات في الجيش من بينها تعيين قائد فوج مغاوير جديد (تردّد اسم العقيد مارون القبياتي رئيس الفرع الاول بالفوج) مكان العميد شامل روكز وقبل حلول 15 تشرين موعد إحالة الاخير الى التقاعد، فإن معنيين أكدوا ان اقتراح الترقية وملء الشغور في المجلس العسكري سيبقى قائما حتى اللحظة الاخيرة من حلول موعد تقاعد روكز، مع الاستبعاد النهائي لخيار تأجيل التسريح والاستدعاء من الاحتياط.

في هذه الحالة يبقى روكز في موقعه حتى 15 تشرين. إما يرقّى بعدها الى رتبة لواء، وإما يغادر السلك ويستلم الضابط الجديد مكانه.

النبرة الهادئة لرئيس «التكتل» وتجنّبه الحديث في عناوين الازمة ما دام «الحوار» ماشياً، وتقصّده دعوة كل اللبنانيين الى المشاركة في إحياء ذكرى 13 تشرين الاحد المقبل من دون ربطها بمطلب رئاسة الجمهورية وانتخاب الرئيس القوي كما صرّح بذلك كل نوابه ومسؤوليه في الايام الماضية، لم تأت ربطا بما قيل عن ارتفاع حظوظ التسوية مجددا.

فوفق أوساط عون كان مقرّرا ان يخصّص منبر «التكتل» لدعوة «الجنرال» الى المشاركة في ذكرى 13 تشرين، وفيما اقترح البعض نقل موعد الاجتماع الى الخميس أو الجمعة ليكون أقرب الى 11 تشرين، فقد تقرّر لاحقا الإبقاء على يوم الثلاثاء على ان يشارك ميشال عون في جلسة الحوار الصباحية في ساحة النجمة ثم يغادر لترؤس اجتماع «التكتل».

وردّا على ما تسرّب من مؤشرات توحي بانتعاش فرص إقرار التسوية بعد خلوة بري ـ عون ـ رعد، أكدت أوساط عون «لم نعد معنيين بالتفاوض عبر الصيغ المطروحة. وبالتالي نحن غير معنيين بأي مقايضة أو مساومة أو صفقة أو ثمن يطلب أو يقترح أو يوحى به مقابل الحق الذي ينصّ عليه قانون الدفاع والأعراف في المؤسسة العسكرية».