Site icon IMLebanon

القضاء العسكري: من التجاذب السياسي إلى النقاش العام

لم ينتبه أحد، ربما، إلى أن الضحايا المتضررين مما ارتكبه عملاء الاحتلال الإسرائيلي في ما سمي بـ «الشريط الحدودي المحتل»، لم يكونوا ممثلين في الإدعاء على من مثلوا أمام المحكمة العسكرية، في لحظة توافق سياسي.

يعتبر حرمان المتضرر (الضحية) من اتخاذ صفة الادّعاء الشخصيّ أمام القضاء العسكري، (اذ تنحصر صلاحيته بدعوى الحق العام)، أحد الانتقادات التي تطعن في مدى توافق المحكمة العسكرية، كمحكمة استثنائية، مع شروط المحاكمة العادلة والضمانات المرتبطة بها.

ومن هذه الزاوية بالذات، «زاوية مخالفة القضاء العسكري لمبادئ المحاكمة العادلة، وبالتالي اعتبار المحكمة العسكرية مرّ الزمن عليها»، خرج المجتمع المدني اللبناني، وعلى رأسه «المفكرة القانونية»، لمناقشة «دور الحقوقيين في التجاذب السياسي حول المحكمة العسكرية» في ندوة نظمتها، اول من أمس، بالتعاون مع «المرصد المدني لاستقلالية القضاء وشفافيته».

وجاء الهدف من اللقاء واضحاً: تلقف النقاش الذي اندلع إثر الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية على الوزير السابق ميشال سماحة ودعوة وزير العدل أشرف ريفي إلى «إلغاء المحكمة العسكرية أو تقليص صلاحيتها». وعليه قال المدير التنفيذي لـ «المفكرة» المحامي نزار صاغية «لا نفكر اليوم بالمعركة في مجلس النواب لأننا سنخسرها سلفاً، سنركز على المعركة في النقاش العام واعتقد أن هناك مجالاً لربحها، ومن دون أن نتحول إلى أداة بيد هذا الطرف أو ذاك».

واشار إلى أن «النضال سيتركز على تقليص صلاحيات القضاء العسكري ليقتصر على الجرائم العسكرية من دون أن يتسنى له محاكمة المدنيين».

واقترح عضو مجلس نقابة المحامين ماجد فياض أن يتم تطبيق قانون العام 1958 الخاص بالإرهاب، عبر محكمة متخصصة، لما يتعلق بعموم قضايا أمن الدولة الداخلي والخارجي، والجرائم الواقعة على السلامة العامة.

وطرح صاغية سؤالاً حول «كيفية إثبات وزارة العدل البعد الحقوقي وليس السياسي في مبادرتها». وأكد «أننا ننتظر آلية وزارة العدل والمبادئ التي ستستند عليها أكثر مما تتضمنه من بنود».

وناقش المحامي فياض دور القضاء العسكري في ضوء الدستور اللبناني الذي يكرس السلطة القضائية كسلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومعها إعمال مبدأ القاضي الطبيعي الذي يختص بحق كل شخص في محاكمة متساوية أمام المحاكم نفسها، وهو ما يتناقض مع المحاكم الإستثنائية التي تقع المحكمة العسكرية ضمنها.

واعتبر أنه «كان المفترض بالقضاء العسكري أن يكون موجوداً في ظروف استثنائية ولفترة محددة، عندما توسع ليحاكم المدنيين، وتحول إلى حالة قضائية مستمرة تتوسع صلاحياتها يوما بعد يوم عوضاً عن أن يحد منها في جمهورية ديموقراطية برلمانية».

وبعد الدستور، توقف فياض عند «موقف الأمم المتحدة التي أكدت في ميثاقها وصكوكها الدولية على عدم صلاحية المحاكم العسكرية عامة لمحاكمة المدنيين، معتبرة أحكامها لا تراعي أعلى معايير المحاكمة العادلة».

وأوجز فياض الإنتقادات الموجهة إلى القضاء العسكري بـ «الصلاحية الواسعة المعطاة للمحكمة العسكرية في محاكمة المدنيين، وعدم مراعاة حقوق الدفاع بالصورة الكافية، وغياب التعليل في الحكم مع الانتقاص من القواعد الجوهرية في المحاكمة العادلة». واعتبر دعوة الوزير ريفي «تتطلب تقديم مشروع قانون مكتمل إلى مجلس النواب، وهو ما نراه حالياً أمراً مستحيلاً وليس صعباً فقط في ظل الإنقسام الحالي الحاد».

وفي إطار مقاربة مدى تطابق القضاء العسكري مع المحاكمة العادلة، قسّمت د. ميريام مهنا شروط المحاكمة العادلة الى قسمين: «الحقّ بمحكمة متخصّصة ومستقلّة وحياديّة، والمحاكمة العادلة بالمعنى الضيّق، أي بما تفترضه من إجراءات قضائية».

وفندت معايير المحاكمة العادلة حيث تتناقض المحكمة العسكرية مع الحقّ الأساسي بقضاء مستقلّ، وعلى رأسه صلاحية المحكمة العسكرية ومبدأ القاضي الطبيعي وضعف شعور الفريق غير العسكري بالثقة باستقلاليتها وحياديتها.

ورأت أن المحكمة العسكرية، ومن حيث تشكيلها، تنتهك مبدأ استقلالية القضاء حيث يطغى الوجود العسكري في عملها، مقابل حضور خجول للقضاة العدليين، مما يولّد خطراً جسيماً على الحريات الشخصية وضمانات المحاكمة العادلة. وركزت على عدم تمتع المتضرر من حقّ الادعاء الشخصي أمام المحكمة العسكرية، مما يحرم من قاعدة وجاهية المحاكمة.

وينسحب الأمر نفسه على حق الدفاع الذي يشكل أحد أبرز مقتضيات المحاكمة العادلة، بينما يشهد، وفق مهنا، «تجاوزا في العديد من أحكام قانون القضاء العسكري، كالإجازة بتكليف ضباط مهمة الدفاع، ما يطرح تساؤلات حول استقلالهم عن السلطة العسكرية، كما أن إجازتهم في الحقوق شرط تفضيلي وغير إلزامي، ويعطى المحامي مهلة 24 ساعة فقط للاطّلاع على ملفّ الدعوى. ويتمتع رئيس المحكمة العسكرية بصلاحية منع المحامي من دخول المحكمة العسكرية لمدّة أقصاها ثلاثة أشهر إذا ارتكب خطأً مسلكياً جسيماً، من دون أن يكون للمحامي حقّ الدفاع عن نفسه».

كما يتناقض الحدّ من حق التقاضي على درجتين مع المحاكمة العادلة «حيث لا يوجد مرجع استئنافي لقرارات قاضي التحقيق العسكري»، كما أكدت مهنا.

وتعفى المحكمة العسكرية أيضاً من موجب التعليل في الحكم، وهو احدى ضمانات استقلالية القاضي بما أنه يشكّل «درعاً ضد التعسّف، كما يوفّر للمتقاضي تبريراً للقرار»، وفق مهنا.

الجيش يوضح

صدر عن قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه التوضيح الآتي: «نشرت إحدى الصحف المحلية الصادرة، أمس، معلومات نقلاً عن مصادر غير محدّدة، أشارت فيها إلى أن دفعة الصواريخ نوع «ميلان» التي تسلّمها الجيش من الســلطات الفرنســية مؤخراً في إطار الهبة السعودية، هي قديمة العهد، وأن بعضها غير مطابق للمواصفات. تؤكّد قيادة الجيش أن هذه الصواريخ هي من مخازن الجيش الفرنسي، وقد أجرت الأجهزة المختصة في الجيش اللبناني كشفاً دقيقاً على هذه الصواريخ لدى تسلّمها، وتبيّن عدم وجود أي خلل تقني أو صناعي فيها».