Site icon IMLebanon

استعراض عسكري.. «فاشوش»

كذّبت بالأمس العلاقات الاعلامية في حزب الله «النصّ المنسوب للشيخ نعيم قاسم عن أنّه أصبح لدى الحزب جيش لم يَرِدْ إطلاقاً في حديثه»، بالتأكيد لن تستطع جريدة السفير تكذيب بيان العلاقات الإعلاميّة في الحزب، ولن يستطيع الزميل قاسم قصير تكذيب بيان الحزب حتى وإن كان يمتلك دليلاً صوتيّاً على أنّ نعيم قاسم قال جملة «أصبح لدينا جيش مدرب ولم تعد المقاومة تعتمد على أسلوب حرب العصابات» في لقاء حواري عقد أمس الأوّل في مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي.. المحسوبون على الحزب الإلهي لا يستطيعون تكذيبه، بل قد نقرأ في الصحيفة المعنيّة بنشر المقال اعتذاراً عن الخطأ غير المقصود!

وبصرف النّظر عن الأخذ والردّ والأسئلة التي طرحت بعيد انتشار صور الاستعراض العسكري الذي نفّذه حزب الله في مدينة القصير عن مغزى رسائل هذا الاستعراض، هو استعراض قوّة أمّا توقيته فكان على كثيرين التنبّه إلى أنّه جاء بعد خسارات بشريّة كبرى لحزب الله والحرس الثوري الإيراني في حلب، أمّا موقع العرض العسكري فكان ميدان خاص أعدّ للمناسبة وقد أقيم في إحدى مناطق ريف القصير القريبة من لبنان، هنا ثمّة سؤال طريف لا بُدّ لنا من طرحه هنا: «هل يستطيع حزب الله أن يُنفّذ نفس الاستعراض العسكري في لبنان، في منطقة البقاع مثلاً»؟ والإجابة على هذا السؤال هي «فَشَر»، وهي إجابة تنسف كلّ القيمة الاستعراضاتيّة العضلاتانيّة المراد لها أن تُخيف اللبنانيّين من جهة، ورفع معنويات البيئة الحاضنة والتي تتلقّى ضربات مريرة في حلب وتتراكم أعداد قتلاها العائدة في توابيت صفراء، فقط!!

وبعيداً عن تفاصيل الأسلحة التي استعرضها حزب الله من ملالات ومجنزرات ومن أين أتى بها وشبه «الخردة» التي أعاد تأهليها ـ على الطريقة الإيرانيّة ـ و»عملّها حدادة وبويا» وبصرف النظر عن الجهة التي حصل عليها منها والكيفيّة التي حصل بها عليها، هذه الأسلحة أعدّت لاحتلال سوريا، وهذا دور حزب الله والحرس الثوري الإيراني في سوريا، أيّ تغيير في المشهد السوري حتى ولو ادّعى انتصار النظام وحلفائه سيدفع ثمنه حزب الله في لبنان، ما شاهدناه محاولة إيحاء بأن «المثلّث الشيعي» يزداد قوّة في لبنان وسوريا وفي العراق، وهذا وهمٌ يعيشه حزب الله وإيران وبعيدٌ عن رقابهم أن يحقّقوه، ولأسباب كثيرة، فليقل لنا حزب الله كيف باستطاعته والحرس الثوري الإيراني والألوية التي شكّلت على طريقة الجيوش ما هي مهمّتها، أليس هدفها ضبط الأرض السوريّة بعدما انهار جيش الأسد وتبعثر ولم يتبقَّ منه ما هو فعّال إلا المخابرات الجويّة وبراميلها المتفجّرة، ولكن، هيهات أن يستطيع تحقيق ذلك!!

كلام الشيخ نعيم قاسم «أصبح لدينا جيش مدرب ولم تعد المقاومة تعتمد على أسلوب حرب العصابات»، حكاية الجيش هذه «فاشوش»، جيش «فاشوش» بضعة قاذفات صاروخية ستذكّره بمقبرة الدبّابات الإسرائيليّة في وادي الحجيْر ليس إلا!!

يُطلق الناس كلمة الفاشوش على كل أمر فاشل، كما يطلق على شخص لم ينجح، هكذا هو الحال مع حزب الله و»جيشه القصيري»، «جيش فاشوش» أمّا معنى كلمة فاشوش، فهناك كتّاب مصريون يرون أن فاشوش كلمة قبطية قديمة لا تزال تستخدم إلى يومنا هذا في العامية المصرية، ومعناها الحرفي «عريان»، وانتهت فاشوش في الاستعمال الدّارج إلى معنى يختلف عن معناها الحرفي، ويقول بعضهم إن كلمة فاشوش عربية قديمة فصيحها «فشوش» أي كلام فارغ لا طائل تحته، وقال الزبيدي في تاج العروس: «الفيشوشة» الضعف، والرخاوة ومنه رجل فاشوش،‏ ولكنّ هذه الكلمة أصبحت ذات دلالة أعمق بعد فشل حملة محمد علي باشا في القضاء على مقاومة المهدي في السودان في معركة الفاشوشية، جرت معركة الفاشوشية في عام 1881، وسميت المعركة باسم قرية سودانية جرت المعركة عند مدخلها..