Site icon IMLebanon

خطة عسكرية لأوباما في سوريا والعراق؟

قبل نحو شهر أفادت معلومات متابعين جدّيين في واشنطن أن الولايات المتحدة لا تنظر بارتياح إلى محاولة رئيس روسيا فلاديمير بوتين إقامة تحالف عسكري دولي لمحاربة الإرهاب وخصوصاً في سوريا. وأفادت أيضاً أن رئيسها باراك أوباما لن يعمل أكثر مما عمله في الموضوع السوري، علماً أن كثيرين في المنطقة يلومونه لأنه لم يفعل شيئاً. وبعد “غزوة باريس” التي أوقعت 130 قتيلاً وأكثر من 200 جريح نشط الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في أكثر من اتجاه من أجل إقامة التحالف المذكور، أو من أجل التأسيس لتعاون جدّي بين “التحالف الدولي ضد الإرهاب” الذي أنشأته أميركا والحملة الروسية – الايرانية على هذا الإرهاب التي بدأت قبل أسابيع. لكن نشاطه لم يثمر على ما يبدو. فأوباما لا يزال على مواقفه ومنها أن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لأزمة سوريا، وأن انجازها من دون تنحّي الرئيس بشار الأسد عن السلطة مستحيل. واضطر هذا الموقف رئيس فرنسا بعد زيارته الأخيرة لواشنطن إلى العودة إلى التشدّد في موضوع التنحّي. وطبعاً لم يرتح بوتين إلى ذلك الأمر الذي عقّد أمور التحالف الدولي العسكري الواسع لمحاربة “داعش” انطلاقاً من سوريا.

وفي هذا المجال أفادت معلومات المتابعين في واشنطن أنفسهم أن إدارة الرئيس أوباما مقتنعة بأن الحلفاء الأوروبيين لأميركا لن ينضموا إلى “حملة روسيا” إذا لم توافق هي على ذلك، وأن روسيا لا تمتلك العدد الكافي من العسكر لتنفيذ حملة شاملة برّية وبحرية وجوّية ضد الإرهاب في سوريا، وأنها تحتاج للقيام بذلك الى أمور عدة أبرزها اثنان. الأول، التوصل إلى تسويات أو حلول للأزمات الخطيرة الناشبة في المنطقة تنهي الحروب التي تسبَّبت بنشوبها. ويعني ذلك ضرورة حل أزمات سوريا والعراق واليمن. أما الثاني فهو ضرورة حل الأزمة الأوكرانية وفض الاشتباك الأوروبي الأميركي – الروسي بسببها. وإذا لم يحصل ذلك، واستمر بوتين متفرّداً في محاربة “إرهابيي” سوريا ومتورّطاً أكثر فأكثر في رمالها، فانه سيجد نفسه مستقبِلاً وربما يومياً ضحايا حربه من الروس قتلى كانوا أو جرحى، كما سيجد نفسه “منفقاً” الأموال من خزينة بلاده، علماً أن حجمها قد تضاءل بسبب انخفاض سعر النفط، وقد يتضاءل أكثر بسبب الإنفاق الحربي.

هل يمكن أن يستمر أوباما من دون خطّة شاملة لمعالجة الوضع في سوريا واستطراداً في العراق؟ أم هل يكتفي بخطّة جزئية ترتبط بلورتها كما يرتبط تنفيذها بما تفعله روسيا في سوريا منذ أسابيع؟

لا يستطيع المتابعون الأميركيون في واشنطن أنفسهم الجواب عن هذين السؤالَيْن المطروحَيْن. لكنهم يقولون واستناداً إلى معلوماتهم إن لدى أوباما خطّة جزئية تتعلّق بمحاربة “داعش” والإرهابيين في سوريا والعراق، وأنه أخرجها من “جاروره” إذا جاز التعبير عندما رأى أن روسيا وفرنسا تحاولان بعد “غزوة باريس” القيام بحملة عسكرية مشتركة ضد هؤلاء. وتقضي هذه الخطّة بقيام قوات خاصة أميركية مع الأكراد السوريين كونهم حلفاء أميركا ومع تنظيمات سورية معتدلة يستهدفها “داعش” والنظام في صورة دائمة، بعملية عسكرية مهمة تؤدي إلى احتلال عاصمة “الدولة الإسلامية” في سوريا ويرجَّح أنها مدينة الرقّة. وإذا حصل ذلك بنجاح تام لا يعود هناك ما يمكن أن يفعله الروس والفرنسيون سواء كوّنوا حملة عسكرية مشتركة أو تصرّفوا منفردين. ونجاحه سيدفع الأكراد الشركاء في صنع النصر إلى إقامة نوع من الحكم الذاتي على “أرضهم” في سوريا. ولا بد أن يفرض ذلك على الأسد الذهاب إلى التفاوض الجدّي بحثاً عن مخرج له وربما لطائفته. وإذا نجح هذا التفاوض أو سلك درب النجاح فإن أميركا والأكراد (العراقيين هذه المرة) والعشائر السنّية العراقية والمعارضة المعتدلة سيتولّون معالجة أمر المتطرفين أو الإرهابيين في العراق عسكرياً. ونجاحهم في ذلك سيؤدي إلى تكريس أكراد العراق تمتُّع منطقتهم أي “كردستانهم” بحكم ذاتي واسع. أما تحوُّلها دولة مستقلة فأمر مرهون بتطورات مستقبلية عدّة وبظروف غير واضحة حالياً. وسيؤدي نجاحهم أيضاً إلى “استقلال” سنّة العراق بمنطقتهم وتمتُّعهم بحكم ذاتي بدورهم. وانطلاقاً من ذلك يبدأ التفاوض مع حكومة بغداد (الشيعية والإيرانية الهوى). هذه الخطّة، يؤكد المتابعون أنفسهم، ليست شائعات. فاستعادة جبل سنجار الإيزيدي في العراق يقطع الطريق التي يستعملها “داعش” لإمداد قواته في الرقّة بمساعدات “عراقية”. وهذه خطوة على طريق تنفيذ الخطّة.