قد لا تكون ايران في وارد الانسحاب من الحرب في سوريا، قبل معرفة مصير حربها في كل من العراق واليمن، والامر عينه ينطبق على فصيل حزب الله في سوريا، حيث يخوض معركة اثبات وجود من غير حاجة الى ان يتقبل نصيحة من احد تدعوه للعودة الى لبنانيته التي يكاد يفقدها نظرا لمؤثراته السلبية على كل ما يتعلق بلبنان الدولة والشعب والمؤسسات، لاسيما بالنسبة الى رئاسة الجمهورية التي تحولت الى ما يشبه كبش المحرقة السياسية، جراء تضاربها مع المصالح الاقليمية والدولية في وقت واحد (…)
ومن الان الى حين معرفة حجم ومعدل السلبيات ذات العلاقة بالحال الرئاسية، ثمة من يجزم بأن حزب الله يفضل الف مرة ان يكون ايرانيا صرفا، على ان يكون لبنانيا مرة واحدة فقط، طالما ان قدراته الناتجة عن فعل ايران في المنطقة، هي التي تؤثر على كل ما عداها، من غير حاجة الى معرفة نتيجة التطورات في كل من سوريا والعراق واليمن، خصوصا ان الاميركيين من غير وارد لعب اية ورقة تجعل السلطة في طهران تبحث عن ادوار بديلة لما تقوم به في حروب المنطقة، على أمل ان تصل ايران الى حال من الافلاس السياسي والمادي والعسكري من شأنه ان يغير الكثير في معادلات المنطقة؟!
الذين من هذا الرأي يعرفون تماما ان واشنطن تعرف بدورها قدرات ايران وتتصرف على هذا الاساس، على امل ان تصل الامور في نظام «الارث المذهبي» الى حد الافلاس في كل شيء وهذا متفق عليه في كواليس الدول العظمى، الامر الذي جعل روسيا تشترك في الحرب السورية كي لا ينكشف دور ايران وحزب الله، حيث لا يعقل ان تستمر الحرب من دون تدخل بحجم روسي – دولي، ليس لمجرد القول ان الغاية مكافحة الارهاب، فيما تعرف اميركا قبل غيرها ان الدور الروسي هو من حسم المعركة موقتا لصالح نظام بشار الاسد وقبل ان تتطور الامور الى حد دخول الاتراك فصيلا دوليا وعسكريا في الحرب السورية، ما يرشح الامور الى مزيد من التعقيد السياسي والعسكري، من غير حاجة الى رهانات جديدة على من بوسعه تغيير بوصلة الصراع في المنطقة؟!
من هنا بالذات يفهم دور ايران ومعها حزب الله في الحرب السورية، والامر عينه ينطبق على الحرب الايرانية في كل من العراق واليمن، من ضمن مجموعة معطيات تشجع على القول ان اميركا والغرب يعلقان اهمية على تراجع النفوذ الايراني بمستوى ما على طهران ممارسته من دور عسكري – سياسي لا بد وان تتأثر به دول المنطقة كافة، لاسيما الدول القادرة على ان تصرف على استمرار الحرب مثل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التي تبدو مؤهلة لان تستمر في دعم عوامل المواجهة في كل من سوريا والعراق واليمن.
هذا ليس مجرد رأي، لان مجالات صرف ايران على حربها في الخارج لن تصل الى مستوى ما تدفعه السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ما يعني ان حروب المنطقة العربية لن تستمر طويلا في حال تراجع الموقف الايراني في حال افلاس طهران عن تقديم حلول سليمة تجاري ما يسعي اليه غيرها، بمن فيهم انظمة الاسد والانقلابيين في كل من العراق واليمن، التي تعني كل شيء باستثناء استعادة سلطة واقعية من خلال اية مساعدة تأتيها من الخارج، خصوصا من روسيا وحزب الله وروسيا حيث لا مجال امام هؤلاء لان يجسدوا بدائل في كل من سوريا والعراق واليمن.
ولا ننسى في هذا الصدد الحال السائدة في مملكة البحرين حيث تحاول ايران وبعض فصائل المعارضة لعب دور مماثل لما يقومون به في البحرين من غير ان يسجلوا تقدما يذكر باستثناء زعزعة الاستقرار بنسب معينة، مثلما سبق وحصل في كل من سوريا واليمن، قبل ان تتدخل ايران صراحة مع حزب الله لمساندة نظام بشار الاسد الذي عاد واستنجد بالروس ليمد في عمر المواجهة العسكرية من دون طائل، لان روسيا غير مستعدة لان تستمر في حربها الطويلة على الارض السورية، بل لان موسكو مؤهلة لان تبيع بشار الاسد عندما يطرح عليها السعر المناسب، من جانب الدول القادرة على تسيير ميزان الحرب لمصلحتها؟!