تستمر محاولات الديبلوماسية “الاسرائيلية” بتسويق الضربة العسكرية على لبنان، على اعتبار أنها الحل الوحيد المتاح لإبعاد حزب الله عن الحدود، ولكن حتى في الكيان الصهيوني يدركون أن هذه الحرب لا تعني بالضرورة نجاحهم في رؤيتهم، لا بل على العكس، هناك في أوروبا من يخشى على “اسرائيل” من اي حرب مقبلة مع حزب الله، حتى ولو أدت بالنتيجة الى تدمير لبنان.
ما يفكر به الأوروبيون يظهر من خلال إعلامهم، ففي الاعلام الأوروبي حديث موسع وطويل عن خسائر “اسرائيل” جراء عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي، ولكن بما يتعلق بالوضع المتوتر بين “اسرائيل” ولبنان، فهناك خشية كبرى من اندلاع معركة جديدة، بحيث باتت كل ظروفها مهيأة لدى الطرفين المعنيين بها.
بحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن حزب تموز ونتائجها لا تزال شاخصة أمام أعين الأوروبيين، الذين يعتبرون بشكل واضح أن العدو الاسرائيلي فشل في تلك الحرب في احتلال اي جزء من لبنان، وفشل أيضاً بتحقيق المطلب الذي تطالب به “اسرائيل” اليوم، وهو إبعاد المقاومة عن الحدود وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح، بحيث تصبح منطقة جنوب الليطاني تحت سيطرة قوات اليونيفيل بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وتُشير المصادر الى أن نصائح أوروبية وصلت الى الكيان الصهيوني، بضرورة القيام بحسابات دقيقة لأي تصعيد محتمل في لبنان، معبرين عن خشية من الحرب لانها ستكون صعبة للغاية على “اسرائيل”، وهم استعملوا تعبيراً يقول “الحرب العقابية”، عندما وصفوا ما يمكن حصوله على الجبهة بين حزب الله و”اسرائيل”.
في نفس السياق، تكشف المصادر أن ملف الحدود اللبنانية بات ملفاً أساسياً على طاولة الدول التي تبحث الوضع في المنطقة، ولعل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، كانت خير دليل على انخراط فرنسا في هذا الملف بالتحديد، ولكن اللافت بحسب المصادر هو ما ينقله مسؤولون “اسرائيليون” عن أن الفرنسيين يقفون الى جانب “الاسرائيليين” في مطلبهم إبعاد حزب الله عن الحدود، وهو ما يدرك الفرنسيون أنفسهم استحالة حصوله أو قبول حزب الله.
اذا، الموقف الفرنسي من أحداث غزة لن يكون كما بعده، وبالفعل جاءت زيارة لودريان لتؤكد ذلك من وجهتيّ النظر، فلا الفرنسي جاء ليلعب دورا إيجابياً، والدليل ما حمله من تحذيرات وطروحات تتعلق بالحدود الجنوبية وتتحدث عن تطبيق للقرار الدولي 1701 ،الذي تنتهكه اسرائيل بشكل يومي، وهي التي لا تزال تحتل جزءاً من أراضي لبنان، ولا فريق المقاومة في لبنان رحب بالرجل وطروحاته.
بحسب المصادر، فإن هدف إبعاد حزب الله عن الحدود يُبحث على صعيد دولي، وتشارك بالبحث فرنسا والولايات المتحدة الأميركية و”اسرائيل” وربما دول خليجية معينة، ومن الأفكار المتداولة حسب المصادر تسليم مزارع شبعا المحتلة والجزء اللبناني شمال الغجر الى قوة دولية قد تكون من اليونيفيل أو شبيهة لها، مقابل إبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني، الى جانب تقديم مكتسبات إضافية الى الحزب تتعلق بالرئاسة وغيرها من الملفات السياسية، ولكن بحسب ما تؤكد المصادر، فإن هذه النقاط تبقى كلها بلا معنى او فائدة ما لم يتم بحثها مع حزب الله ولبنان، وما لم توافق عليها “اسرائيل” أيضاً.