انضم الشهيد عامر المحمد (25 عاما)، أمس الأول، إلى قافلة شهداء عكار في صفوف الجيش اللبناني، وقد قضى في الهجوم الذي استهدف مركزا للواء المشاة العاشر في الجيش في بقاعصفرين – الضنية.
أسئلة عدة طرحت حول الهجوم الذي أدى الى استشهاد عسكري وإصابة آخر، خصوصا لجهة الأسباب والدوافع، وما إذا كان يندرج في خانة العمل الإرهابي، ام انه حادث يشبه الى حد بعيد الحوادث الفردية التي طالت عددا من العسكريين في الشمال في أوقات سابقة؟
وفي انتظار ما ستكشفه التحقيقات، ضرب الجيش طوقا امنيا في محيط مركز اللواء العاشر، ونفذ عمليات دهم من دون معرفة ما إذا كانت قد أسفرت عن توقيف مطلوبين أو مشتبه فيهم، وترافق ذلك مع موجة عارمة من الاستنكارات.
وكان حاجز تفتيش للجيش على الطريق التي تربط بلدة بقاعصفرين بجرود المنطقة، قد تعرض بعد منتصف ليل أمس الأول لإطلاق رصاص، ما أدى إلى إصابة عسكريين كانا يحرسان المركز، وهما عامر المحمد وعبد القادر نعمان، وقد نقلا الى أحد مستشفيات مجدليا، وما لبث المحمد أن فارق الحياة متاثرا بجراحه، بينما أجريت عملية جراحية لنعمان وحالته مستقرة.
وأكد بيان صدر عن قيادة الجيش تعرض موقع لإطلاق نار من أسلحة حربية من قبل مجهولين، أسفر عن استشهاد عسكري واصابة آخر، وان وحداته تنفذ عمليات بحث عن مشتبه فيهم أو متورطين.
في غضون ذلك، سادت أجواء من الغضب والحزن بلدة مشتى حسن فور تلقي الأهالي خبر استشهاد المحمد، ولم يخيل لوالدة الشهيد عامر المحمد، أنها ستستقبله جثة هامدة بعد ساعات من وداعه، فتزفه عريسا على مذبح الوطن وهي التي لطالما انتظرت رؤيته عريسا تفرح به.
لم تشعر الوالدة المفجوعة، أن أصغر أبنائها في خطر، فهو يخدم في منطقة الشمال الآمنة نسبيا لبعدها عن مواقع الاشتباك مع المسلحين في جرود عرسال. لكنها صبّت جام غضبها على المجموعات المسلحة التي تستهدف الجيش خلسة.
وقد ودعت بلدة مشتى حسن ومعها كل منطقة الدريب الأعلى، الشهيد المحمد في مأتم مهيب. احتشد العشرات من أبناء المنطقة وفاعلياتها. نثروا الأرز والورود على نعش الشهيد، وسط زغاريد النسوة ودموعهن.
وأثارت الحادثة استنكار أهالي البلدة الذين أكدوا مجددا أن الجيش يدفع الثمن للدفاع عن الوطن وقدر عكار وأبنائها أن يفتدوا لبنان بدمائهم، كما رددوا هتافات التضامن والدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية في تصديها للإرهابيين أينما وجدوا.
تقدم المشيعين ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد توفيق يزبك وضباط وممثلون عن القوى الامنية والعسكرية ورؤساء اتحادات بلدية وبلديات وفاعليات المنطقة.
وتحدث يزبك باسم قهوجي، مشددا على أن «الجيش سيبقى بالمرصاد لكل العابثين بالامن».
ونعت قيادة الجيش المحمد وهو من مواليد عام 1991. تم تمديد خدماته في الجيش اعتبارا من 20/10/2011 ثم نقل الى الخدمة الفعلية بتاريخ 20/6/2014. حائز أوسمة عدة، وتنويهات وتهاني قائد الجيش.
وأكد نواب الضنية والمنية احمد فتفت، قاسم عبد العزيز وكاظم الخير «وقوف أبناء المنطقة صفا واحدا خلف الجيش والقوى الامنية للحفاظ على الامن والسلم الاهلي في الوطن بأكمله».
بدوره، اعتبر النائب السابق جهاد الصمد أن الاعتداء «يستهدف الدور الوطني الذي يقوم به الجيش في تفكيك الخلايا الإرهابية والتكفيرية وامتدادها على الأراضي اللبنانية، ويستهدف الضنية وسلمها الأهلي».
من جهته، أكد رئيس بلدية بقاصفرين سعد طالب، بعد اجتماع مع ضباط في قيادة الجيش وقوف كل أبناء البلدة الى جانب الجيش ورفضهم لأي اعتداء يتعرض له.
جعجع وقبلان وجابر يدينون
في المواقف، استنكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الهجوم المسلح، وأشار عبر «تويتر» الى «أن الكمين الذي نصب للجيش، ولو كان جغرافيا في منطقة الضنية، إلا أنه لا يشبه أهالي المنطقة بتاتا».
بدوره، طالب نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «بتكثيف التحقيقات لكشف المنفذين والمحرضين وإنزال أقسى العقوبات في حقهم ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه الاعتداء على الجيش»، داعياً «السياسيين لدعم الجيش وتوفير كل مقومات الدعم من أسلحة وتجهيز، وتشكيل شبكة أمان سياسي ليسرعوا الخطى في تشكيل الحكومة الوطنية الجامعة التي تحقق الاستقرار السياسي الذي يحفظ مؤسسات الدولة ويبعدها عن التجاذبات السياسية».
ودعا النائب ياسين جابر «للضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الاعتداء أو التطاول على الجيش سياج الوطن ودرعه الواقي، وللوقوف خلف الجيش والقوى الامنية لحماية لبنان من كل الرياح والمخاطر الإرهابية سواء أكانت من الحدود الشرقية أو من الحدود الجنوبية من خلال العدو الاسرائيلي».
وتوجه «حزب التوحيد العربي» بالتعازي لقيادة وضباط وأفراد الجيش اللبناني ولأسرة الشهيد، داعيا إلى «ملاحقة كل المتورطين في هذا الاعتداء وتحويلهم الى الأجهزة المختصة وإنزال أشد العقوبات بهم».