بين تفاؤل النائب جورج عدوان، و«تشاؤل» الوزير جبران باسيل، وحذر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ضاع اللبنانيون واحتاروا من يصدقون، من طباخي قانون الانتخابات الجديد، حتى ان الصحافيين، ومحللي السياسة، يجدون صعوبة في معرفة اي اتجاه تهب الرياح، قبل يومين فقط من انعقاد مجلس الوزراء ليدرس حصرياً قانون الانتخابات الجديد العجيب، فهل تهب باتجاه اعتمادمشروع مروان شربل الذي ادى الى 15 دائرة، وباقي التفاصيل الشيطانية نتركها لمجلس النواب، او يسقط قانون النسبية لمصلحة قانون الستين الاكثري، او يتدخل الفراغ في نزاع الايام الاخيرة ويسجل انتصاراً على الجميع، ويدخل لبنان في النفق الموحش؟!
البطريرك الماروني بشارة الراعي المتابع اللصيق، لورشة انتاج قانون جديد للانتخابات، والمستمع الى اعترافات السياسيين من جهة، والى اصوات اللبنانيين وشكاويهم من جهة ثانية، حذر قبل يومين فقط من «عرس النسبي» ان تكون البلاد في طريقها للغطس في قانون الستين او في الفراغ القاتل للدولة والعهد والمؤسسات والشعب.
هذه الحالة الشكسبيرية التي يعيشها لبنان واللبنانيون، هي النتيجة الحتمية، للضعف والهزال اللذين اصابا الدولة ومؤسساتها منذ العام 1990، وللنظام الديموقراطي في الوجه، والطائفي في المضمون، وغلبة فريق على فريق، التي اوجدها وحضنها وباركها النظام الامني اللبناني – السوري، ايام الوصاية على لبنان، ولم يعد بالامكان من معالجتها، الا باعتماد حلول جذرية، نص عليها الدستور، كمثل اعتماد اللامركزية الادارية الموسعة، والغاء الطائفية، وفصل الدين عن الدولة، ووضع قانون متطور للانتخابات، بسيط وعملي ووطني، وفق النظام الاكثري، على غرار قانون الانتخابات الذي مارسه الشعب البريطاني مؤخراً، بدلاً من الغرق في البحث كيف يمكن احترام الهواجس الدرزية، والخصوصية المسيحية، والخلافات الاسلامية، وقد سبق للبنان وعاش هذه التجربة الفريدة بتكتل نيابي كبير اسمه «الكتلة الوطنية» يقابله تكتل وطني مماثل اسمه الحزب الدستوري وفي ما بعد «التكتل الشهابي» في وجه «التكتل الشمعوني» وكانت هذه الكتل والاحزاب تضم نواباً من مختلف الطوائف والمذاهب، وفي ظلها عاش لبنان عهده الذهبي.
اشهد، ان لا احد، من الذين خرجوا الى الشاشات لشرح النظام النسبي، نجح في مهمته، وكانوا جميعهم، عندما تضيق بهم السبل، يختبئون وراء حجة، ان هذه تفاصيل لا تهم المواطن، الذي عليه اسقاط ورقته فحسب، ولم يأخذوا في حساباتهم الاف النساء والرجال المتقدمين في السن من اهلنا، يصعب عليهم ممارسة حقهم في الانتخاب من دون مساعدة مباشرة في اقلام الاقتراع، وللتاريخ اقول ان المسؤولين سيصدمون بالاخطاء العديدة التي ستظهر في الفرز في حال، رسا البازار على النظام النسبي.
يطبخون طبقاً مسموماً من «لبن، سمك، تمر هندي».