IMLebanon

لبن الفقراء بات للأغنياء والعلف المدعوم مفقود

 

طار اللبن عن موائد الفقراء، تجاوز سعره يومية العامل، مسجلاً رقماً قياسياً بلغ 32 الف ليرة لبنانية. أما اللبن المدعوم فهو ايضا تبخّر بعد رفع الدعم عنه، ليعاود ارتفاعه، اذ سجل سطل الـ 2 كلغ 15 الف ليرة بعدما كان بـ 10 زمن الدعم، في إشارة واضحة الى أن رفع الدعم بدأ، او على رأي صاحب أحد الدكاكين ” ليش كان في دعم بالأول”؟

 

فجأة ارتفعت أسعار اللبن في السوق، بعدما عمد أصحاب مزارع البقر الى رفع السعر، وفيما كان متوقعاً أن يساهم تأمين العلف المدعوم في ضبط اسعار اللبن ومشتقاته، الا أن العلف غير متوفر، وإن حصل المزارع عليه يكون مرة في السنة، وهو من العلف “الرديء” وفق ما يؤكد المزارع عباس موسى الذي يرى أن كلفة انتاج اللبن تضاعفت سبع الى ثماني مرات، نتيجة ارتفاع الاعلاف والتبن في السوق، بحيث بلغ سعر قنطار العلف (250 كلغ)، مليون ليرة لبنانية، بعدما كان 70 الف ليرة. أما سعر التبن فتخطّى عتبة المليون أيضا، في حين فُقد العلف المدعوم من الأسواق وهو بحسب المزارعين “إما هُرّب أو سُرق، وفي الحالتين، الضرر وقع على المواطن”.

 

يبدو أن “لبن الفقراء” سيختفي هو الآخر عن موائد الناس، ففي الوقت الذي كان الفقير يعتمد عليه في طعامه كوجبة غنية الى جانب الأرز، يبدو أنه عَدل عن الأمر، إذ تجاوز سعر سطل اللبن حجم عائلي الـ 32 الفاً في بعض المحال، أي ما يعادل يومية عامل يومي، وهو ما أدّى الى تراجع حركة البيع بشكل لافت داخل المحال وفق ما اشار إسماعيل صاحب دكان في بلدة تول، لافتاً الى أن “الإرتفاع الخطير للبن بدأ قبل نحو اسبوعين، الى أن سجل الرقم القياسي”، معتبراً أن “الارتفاع مبرر في زمن الدعم المفقود، إذ كان الكل يعوّل على دعم الوزارة لمزارعي الأبقار، غير أن الدعم جاء إسماً بلا فعل، وهو ما سيؤدي الى مزيد من الارتفاعات”. ويطرح إسماعيل إشكالية جديدة وخطيرة تتمثل برفع الدعم عن اللبن، اذ قال “إن مؤشر رفع الدعم عن لبن جديتا فجأة، يدل على أن عملية رفع الدعم انطلقت، وطبعاً الناس لن تلاحظ الأمر، إذ عادة ما يترافق رفع الدعم مع رفع الاسعار فيتلهى المواطن بالسعر وينسى الدعم”.

 

 

 

“ليش في سلع مدعومة اصلاً”؟ هذا ما يبادر الى قوله محسن، الذي جاء ليشتري لبن جديتا المدعوم، لكنه صدم لأنه خرج من سباق الدعم. اما البلدي فيحلّق لأن كلفته مرتفعة جداً كما يؤكد المزارع موسى، وتكمن المشكلة في العلف والكلفة الانتاجية المرتفعة، معتبراً أن سعر السطل ٣٠ الفاً لا يغطي ثمن الكلفة، بل يأتي بالخسارة على المزارع، الذي بات في وجه العاصفة، يضطر الى رفع السعر ليستمر، إذ أن كلفة العلف والتبن اللذين يحتاجهما البقر ليدرّ الحليب مرتفعة جداً، وهذا سيؤدي حتماً الى كارثة في القطاع، ما لم تبادر وزارة الزراعة الى معالجة الامر. يشك موسى بفقدان العلف المدعوم، اذ يعتقد أن ما يحصل هو لعبة التجار الذين يحتكرون السوق بتواطؤ مع الزعماء، وما يصل للمزارع “من الجمل إدنه”. ولا يتوقف الامر هنا، بل يؤكد أن “هناك من يرفع أسعار العلف في السوق لغايات في نفس يعقوبهم، وهو ما دفعه لبيع عدد من الأبقار لشراء الاعلاف، وبالتالي رفع سعر اللبن”.

 

كلما ارتفع سعر العلف، سيرتفع سعر اللبن، هي المعادلة التي ارساها غياب علف الوزارة المفقود من الاسواق الا ما ندر، وهو ما أحدث صدمة لدى المواطن الذي يأكل علقم الغلاء وتبخّر المدعوم، بصمت، وهو ايضا ما حرمه نعمة أكل اللبن الذي بات للأغنياء، أما الفقراء فيتحسّرون على أيام اللبن بـ 2500 ليرة.