Site icon IMLebanon

ميليونير الوهم … والألم

 

 

لفتني، أمس، أحد أبناء الحيّ من متواضعي الحال والدخل، إذ رأيته يتمايل فرحاً وزهواً في الشارع، تحت وابل الأمطار… ولما استفسرته عن نوبة الابتهاج هذه عساي أكتشف النعمة التي هبطت عليه ربما بقفة زرقاء من السماء، أخبرني أنه اكتشف ذاته مليونيراً… وفجأة تبدلت أمائر وجهه من السرور والحبور الى الغم والهم، ليضيف قائلاً:

 

يا أستاذ أنا، اليوم، تلاعبت بالملايين، إذ اكتشفت أنني مليونير. فلقد سدّدتُ نحو خمسة وأربعين مليون ليرة وأنا واقف على «فرد رِجل» كما يقول المثل… ولكنني اكتشفت أن هذه الملايين هي التي اعتصرتني.

 

وليُبَيّنَ لي أين وكيف تم ذلك خلال ساعات ثلاث، قال: فتحت عيني صباحاً وأنا أصَبّح على «العليم الرزاق مقسّم الخيرات والأرزاق» لأكتشف أن اللصوص شنّوا غارة على مجمع خزانات المياه في أسفل البناية التي نستخدمها بـ «بفضل» الدولة العَلية العاجزة الفاشلة الفاسدة، إذ لا تصل المياه الى خزان السطح، وسرقوا ما استطاعوا من الطلمبات فتكلّفتُ عليها مع «الاكسسوار» والمستلزمات 256 دولاراً، أي 16 مليوناً و640 ألف ليرة. وأتعاب السمكري 35 دولاراً، أي مليونان وسبعماية وخمسون ألفاً،  وأتعاب مرافقيه الاثنين معاً عشرون دولاراً أي مليون وثلاث ماية ألف ليرة…

 

والـTVA على الطلمبة و «السكر» وكل برغي وكوع  والخ 370 ألفاً.

 

ومضى يقول: وتوجهت لأجدد اشتراك الكابل، يا سيدي أنا هاوي رياضة، وهذه متعتي الوحيدة في هذه الدنيا، فكان بدل الاشتراك السنوي 270 دولاراً احتسبًتها الموظفة على 67 ألف ليرة الدولار لأن إدارة الشركة «هيك بدها»، أي نحو 18 مليوناً.

 

وقال: ثم ذهبنا الى السوبرماركت لشراء ما تيسر من مصروف الأسبوع من الضروريات بأدنى الحد الأدنى فطلعنا بثلاثة ملايين وخمسماية ألف ليرة. أما فاتورة اشتراك المولد فأربعة ملايين ليرة فقط، لإضاءة بضع لمبات وتشغيل البراد والتلفزيون.

 

وتنهد عميقاً ليضيف: ألا توافقني يا أستاذ أنني ميليونير وقد تمكنت من تسديد هذه الملايين كلها.

 

وما إن توارى قليلاً حتى عاد ليقول: وأمّا بنزينات «الحرتوقة» (يقصد سيارته) فالله بيدبر!

 

… وعنّا لأمر هذه الدولة المسخ المهيوبة.