IMLebanon

ألغام

 

 

أمس الاثنين انطلقت عجلة التأليف، لكن الاستشارات التي أجراها الرئيس المكلف ليست مفروشة بالورود والرياحين، بقدر ما يعتورها من مشاكل وألغام. ألمحت إليها الكتل النيابية في يوم المشاورات الطويل، حيث لم تتوانَ عن طرح الشروط المسبقة على الرئيس المكلف، كمثل كتلة المقاومة والتحرير التي طالبت بوزارة سيادية وبتضمين البيان الوزاري ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وتكتل لبنان القوي الذي اشترط حصوله على حقيبتي الداخلية والمالية إضافة إلى حصته الوازنة على الحقائب الوزارية الخدماتية ناهيك عن «القوات اللبنانية» أو «كتلة الجمهورية القوية» التي طرحت معادلة الثنائية المسيحية بينها وبين «التيار الوطني الحر» واشترطت ان تكون حصتها في الحكومة العتيدة موازية لحصة التيار الوطني الحر تماما كما حال الثنائي الشيعي المكون من حزب الله وحركة «امل»، ناهيك عن إصرار اللقاء الديمقراطي بزعامة تيمور جنبلاط على الاستئثار بحصة الدروز كاملة في الوزارة العتيدة، استناداً إلى النتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية والتي اعطت اللقاء سبعة نواب دروز من أصل ثمانية حصتهم في المجلس النيابي استناداً إلى التوزيع الذي اعتمده اتفاق الطائف مع إشارة صريحة إلى ان النائب الثامن طلال أرسلان ما كان ليفوز في المقعد النيابي لو لم يترك له النائب السابق وليد جنبلاط المقعد الدرزي الثاني في دائرة عاليه شاغراً.

كل هذه التعقيدات والشروط المسبقة التي وضعتها الكتل النيابية في وجه الرئيس المكلف لا تجعل مهمة التأليف سهلة بالرغم من الأصوات المرتفعة التي تطالب بالتسريع في تشكيل الحكومة ليتمكن لبنان من مواجهة التحديات الخارجية والداخلية في آن معاً، وإنما العكس هو الصحيح، أي ان مهمة التأليف ستكون صعبة ومحفوفة بالالغام التي قد يستغرق حلحلتها، وقتاً قد تكون اطول مما يتصوره بعض المتفائلين بتشكيل الحكومة في وقت معقول كالرئيس المكلف الذي مال في التصريحات التي أطلقها بعد ان استكمل مشاوراته إلى التفاؤل بإمكانية حل العقد التي تعترض سبيل التشكيل في وقت يبقى ضمن المهلة المعقولة لتشكيل الحكومات في لبنان.

رئيس الجمهورية كما نقل عنه زواره يحرص على ان ينجح الرئيس المكلف في تذليل العقبات التي وضعتها الكتل النيابية في وجهه في أسرع وقت طالما انها أي الكتل متفقة على أهمية إنجاز التشكيل في أسرع وقت ممكن نظراً للتحديات الكثيرة والكبيرة التي تواجه هذه الحكومة إن على الصعيد الداخلي حيث الوضع الاقتصادي الصعب والدقيق والذي بات بحاجة إلى سرعة غير مسبوقة لمعالجته وتجنب تداعياته على الدولة وعلى الأوضاع العامة، وإن على الصعيد الإقليمي حيث يشهد الإقليم تطورات دراماتيكية تحمل معها رياح حرب ساخنة يُمكن ان تنشب في أي وقت في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة لإيران وسوريا في آن، وفي ظل الخطوات التصعيدية التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد طهران وذراعه العسكري في لبنان وفي المنطقة حزب الله الذي بدوره يُصرّ على ان يتمثل في الحكومة العتيدة بكل شروطه التي لا يستطيع الرئيس المكلف ان يتحملها مهما كانت حساباته الداخلية.