يبدو مبكراً الجزم بما ستكون عليه الحكومة الجديدة، حكومة العهد العوني الأولى. ولكنه ليس مبكرا الجزم بأن الرئيس الذي سيكلف اليوم، وهو بالطبع الرئيس سعد الحريري، سيعمل جاهداً مع الرئيس العماد ميشال عون نحو تشكيل «حكومة جامعة» تضم أكبر قدر من الأطياف وأصحاب الحيثيات… وهؤلاء لن يبقى منهم خارجها إلاّ من يصرّ على أن ينأى بنفسه عنها.
ولكن هذا لا يكفي لإزالة العقبات كلها التي يبدو الرئيس عون حاسماً في تجاوزها. فهو لن يقبل أن تكون الحكومة الأولى حجر عثرة في طريق عهده بدلاً من أن تكون كاسحة ألغام… خصوصاً وانها مشتركة بين القوة المسيحية الأولى والقوة السنية الأولى.
في أي حال بدا من خلال يوم الإستشارات النيابية الأوّل في القصر الجمهوري، أمس، أن الإستيزار سمة المرحلة… وحتى المتعففون ظاهراً «يشط ريقهم» على المشاركة في جنّة الحكم الموعودة.
والذين تحدثوا وأسهبوا عن عقدة الرئيس نبيه بري (وهو حديث له ما يبرّره من ساكن قصر عين التينة نفسه) قد يبدو لهم أنّ دولته يرفع منسوب الشروط ليحصل على حد «معقول» من المطالب. وفيما دارت أحاديث مفرطة في التشاؤم، تربط بين إشتراك حزب اللّه في الحكومة «المشروط» بـ«إرضاء» الرئيس بري، تأكّدت هذه المعلومة، أمس، بشكل قاطع من خلال اعلان النائب علي فياض (عضو كتلة الوفاء للمقاومة) من عين التينة بالذات حيث التقى الرئيس بري في إطار «لقاء الأربعاء» النيابي ان «حزب اللّه والرئيس بري في مركب واحد» مستدركاً: بل يمكن القول اننا ودولته توأمان.
وهي رسالة واضحة حرص حزب اللّه على إيصالها الى آذان ثنائي عون – الحريري، دفعا لأي التباس أو أوهام. ولقد جاء إرجاء توجه كتلة نواب حزب اللّه الى الإستشارات النيابية في قصر بعبدا من قبل ظهر أمس الى صباح اليوم الخميس لإجراء المزيد من التشاور مع بري في إطار الموقف الموحّد.
وفي التقدير أن الأمور سائرة الى الحلحلة، بداية لا يجوز البناء على طلب الرئيس نبيه بري ارجاء استشارة كتلته النيابية الى آخر السلسلة للتحدث عن أنه «موقف سلبي» كما سارع البعض أمس الى الإستنتاج الخاطىء. ذلك أن الإعتبار الأمني هو الذي تحكّم بهذا القرار. فلم يكن ممكناً أن يتوجه الرئيس بري الى قصر بعبدا في ثلاثة مواعيد مقررة سلفاً: أولاً استشارته من موقعه كرئيس لمجلس النواب حسب ما درجت عليه الأعراف في لبنان، ثانياً إستشارته على رأس كتلته النيابية، ثالثاً استدعاؤه الى القصر في نهاية الإستشارات لإطلاعه على نتائجها ولإصدار مرسوم التكليف (وهو المرسوم الوحيد الذي يوقعه رئيس الجمهورية منفرداً بعد مرسوم قبول إستقالة الحكومة) واستدعاء الرئيس المكلّف في حضوره.
ثم إن المعلومات المتوافرة تؤكد على أنّ الرئيس بري يتحدث عن «الأجواء الإيجابية». وهذا ما لمسه منه «نواب الأربعاء» أمس. من ثم إنّ الحكومة الآتية ستشرف على الإنتخابات النيابية العامة في الربيع المقبل. ولا يبدو أحد مستعداً للنأي بنفسه عن هذه المناسبة.
… وعليه قد يصح الإتجاه الى الحكومة الموسّعة (بين 24 و30 وزيراً) علماً أنّ العماد عون يؤثر الحكومات المصغرة إذا كانت في المستطاع!