منذ دخوله المعترك السياسي منذ أربعة وأربعين عاماً، والشيخ بطرس حرب هو إياه، لا يتغيَّر ولا يتبدّل… يندُر أن يجد المرءُ في لبنان سياسياً في قلب الشأن العام والسلطة، تشريعياً وتنفيذياً على مدى نصف قرنٍ تقريباً، وسجلّه غير ملوَّث بملف أو تجاوز أو شبهة.
قلنا يندر ولم نقل يستحيل، فالشيخ بطرس حرب واحدٌ من هؤلاء النادرين الذين لم تلوثهم السلطة والحقائب الوزارية، لا حين كان وزيراً للتربية، ولا حين تسلَّم حقيبة الإتصالات. ولا حيث هو نائباً منذ العام 1972.
نكتب هذا الكلام ليس حين تسلمه حقيبة الإتصالات منذ عامين وشهرين، بل بعد مرور هذه الفترة، فماذا نجد؟
الشيخ بطرس حرب أعاد التواصل بين طبقات وزارة الإتصالات، وقد كان التواصل مقطوعاً بين مكتب الوزير وبعض الإدارات والهيئات التابعة له. لحظة وصوله إلى الوزارة، وعند التسليم والتسلم، كان محاطاً بالمدراء العامين التابعين له والذين كانوا على قطيعة مع الوزراء الذين سبقوه في الوزارة. أدركَ الشيخ بطرس من اللحظة الأولى أنَّ هذا النوع من القطيعة يُقطِّع أوصال الإتصالات فاتخذ المبادرة الشجاعة بأن دعا الجميع من دون استثناء إلى العمل، أما المقصِّر والمتورِّط فلا مكان له في الوزارة.
واجهته تَركَة إقفال الأجهزة الخليوية التي يحملها معه اللبناني الآتي من الخارج، فأقدَم على خطة إلغاء هذا الإقفال متحمِّلاً بعض الإنتقادات، لكنه آثر السير في الخطوة لأنها تؤدي إلى ترييح المواطن، وهذا هو المهم بالنسبة إليه.
واجهته مشكلة ما عُرِف بقضية المباني المستأجرة لإحدى شركتَي الخليوي فآثر أن تأخذ القضية طابعها القانوني، وهمُّه في هذا المجال أن لا يتأثر القطاع سلباً.
في ملفات الفساد في لبنان، وفي شكل عام، حين يكون أحد الكبار متورِّطاً في ملفات، فإنَّ المعاونين له يكونون من المشاركين، وعليه حين ينكشف أي ملف فإنه يكون مضطراً لتغطية هؤلاء المعاونين لئلا يتسببوا في افتضاح أمره.
في ما بات يُعرَف بالإنترنت غير الشرعي في لبنان، رمى الوزير بطرس القفازات في وجه الجميع وقال لهم: لا غطاء فوق رأس أحد، كبيراً كان أو صغيراً لم يكتفِ بذلك بل أعطى الإذن بأي ملاحقة ترِده من القضاء.
هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
لو أنَّ وزير الإتصالات بطرس حرب شريك أو متورِّط أو يغطي أحداً، هل كان يجرؤ على رفع الغطاء عن الجميع والسماح بملاحقة مَن يرِد إسمه من القضاء؟
في اعتقاد عارفين بملف الإتصالات، إنَّ الوزير بطرس حرب يمتلك الكثير من الملفات، ليس من اليوم فحسب بل منذ تسلمه الوزارة، حتى اليوم، وهو في وضع الواثق والمرتاح لأن انفجار الملفات هو لمصلحته حيث سينكشف المتورِّطون تباعاً، وهكذا يمكن القول إنَّ على أيام الوزير حرب في وزارة الإتصالات تمت تنقية هذا القطاع من الفاسدين والمفسدين والذين كانوا يتمتعون بالحمايات.