لا تسوية ولا مقايضة بين الملفات السياسية والقضائية وميقاتي يُقاطع قرداحي
لم يعد ممكناً خروج البلاد من ازماتها في ظل الخلافات والانقسامات بين القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها على كل كبيرة وصغيرة، سياسية كانت ام امنية ام قضائية، خاصة في ظل التحركات الشعبوية التي تتلطى بالطوائف لحماية مرتكب او مخالف، فتقطع الطرقات ويجري شل البلاد ساعات، بينما القوى اياها تتفرج على انهيار تلو انهيار في قطاع تلو قطاع، فتزداد هموم المواطنين ولا من يسأل.
بدا واضحاً خلال الايام القليلة الماضية ان كل الوساطات الداخلية والخارجية لم تفلح في معالجة ازمتي القضايا العالقة امام القضاء، والموقف السعودي من لبنان والذي استمرت مفاعيله بالمعلومات عن مغادرة طواقم دبلوماسية السفارة يوم امس الاول السبت، فما كُتِبْ قد كُتِبْ، والحلول بيد اللبنانيين قبل غيرهم، لكن الحسابات المبنية على مخاوف من استهدافات تعيق اي حل، وهكذا يرتبط العامل الداخلي بالعامل الخارجي ما يفرض تكامل العاملين لإخراج لبنان من ازمته وهذا الامر ما زالت دونه عقبات وصعوبات، بينما يطغى على الحراك الداخلي ترتيب كل فريق اوراقه للانتخابات النيابية بإعتبارها الهاجس الاول لديه في هذه الايام الحالكة، وكأن البلاد والعباد بألف خير. وعلى هذا ثمة من يرى ان الخلافات والانقسامات ستبقى حتى إجراء الانتخابات النيابية وتكوين تكتلات نيابية جديدة تنبثق عنها حكومة حكومة تشبه هذه التكتلات فيكون الوضع كَمَنْ يلحس المبرد.
لكن مع ذلك ثمة من كان يُعوّل على تحرك ما او مبادرة ما للرئيس نبيه بري لم تتضح طبيعتها ولا تفاصيلها، تقوم عبر مجلس الوزراء كونه المكان الطبيعي لحل اي مشكلة، على المواءمة بين معالجة موضوع «الارتياب السياسي» بالقاضي طارق البيطار وموضوع استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، لكن لم يتأكد ما اذا كان الرئيس بري سيدخل بمثل هذا الاقتراح، كما ان ما يعيق هذا الاقتراح رفض بعض الاطراف – ولا سيما حزب الله- «التسوية والمقايضة» بين الملفين. فالحزب حسب مصادره يعتبر ان ملف البيطار مبني على وقائع في ادائه، بينما طلب استقالة قرداحي مبني على خلفيات سياسية غير محلية تتعلق بموقف الحزب من قضايا يعتبرها «مبدئية وانسانية واخلاقية وشرعية» لهذا يرفض بالمطلق إقالته ما لم يقرر هو بنفسه الاستقالة اذا وافق الطرف الآخر المعني وهو تيار «المردة».
وترددت معلومات عن اقتراح للرئيس برّي الاستعانة بالكويت للتوسط في معالجة الازمة مع السعودية، ويبقى ان على الرئيس نجيب ميقاتي مواصلة السعي لتدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر ومعالجة الازمات واحدة تلو الاخرى اذا استطاع فك ترابطهما، مع ان هاجسه يتوزع بين استعادة جلسات مجلس الوزراء واستعادة العلاقات السوية مع المملكة السعودية، وهو يركز على مجلس الوزراء باعتباره مصدر القرار والحل والربط والتفاهم في العمل الحكومي وغير الحكومي على كل المستويات.
وعلمت «اللواء» ان ميقاتي حاول مراراً شخصياً الضغط على قرداحي ليستقيل فلم يفلح، وحاول عبر البطريرك الماروني بشارة الراعي فلم يصل لنتيجة، وحاول عبر الرئيس بري وكانت النتيجة سلبية، لأن بري أيد موقف حزب الله بعدم إقالة قرداحي إلّا اذا إستقال هو تلقائياً، كما ان تيار «المردة» ايّد موقف الثنائي بقوة. وتردّد ان ميقاتي طلب من ثنائي امل وحزب الله وتيار المردة عقد جلسة لمجلس الوزراء والتصويت ضد إقالة قرداحي، وترك القرار للوزراء الاخرين كمدخل لبدء اتصالات لتصحيح العلاقة مع المملكة، لكنه جوبه بالرفض لأن اكثرية الثلثين المطلوبة لإقالة وزير الاعلام هي بيد ميقاتي والرئيس ميشال عون والوزراء الآخرين.
كذلك علمت «اللواء» ان قرداحي قال لمتصلين به قبل يومين، انه مستعد لتقديم استقالته «كهدية» للرئيس ميقاتي وللحكومة اذا تلقى ضمانات بأن المملكة السعودية ستستقبل ميقاتي كرئيس لحكومة لبنان وتعيد ترتيب العلاقات الثنائية، وإلّا فإن استقالته ستكون هباء اذا لم تغير موقفها من لبنان. وهو ابلغ المتصلين به انه سيداوم في مكتبه اليوم الاثنين مع ان رئيس الحكومة قطع اي اتصال به لعدم تنفيذ تمنياته بالاستقالة الطوعية.