ارتفع الوزير أكرم شهيب الى مرتبة المايسترو في ادارة جوقة ملف النفايات، بعد تجربته المريرة في معالجة هذه الأزمة الطويلة. وقد سلك طرقات عديدة في اتجاهات مختلفة لايجاد الحلول، ولكنه كان يكتشف في كل مرة، أنها طرقات التفافية وتعيده الى نقطة البداية! وبسبب صدمة هذا الواقع قرر الوزير المثابر والعنيد نقل أزمة النفايات من مرتبة الحلول العقلانية الى مرتبة الحل المجنون وهو الترحيل! ولكنه يفاجأ اليوم بأن هذا الجنون يتعثر، ويلتف، ويعود بالملف الى نقطة الانطلاق!
***
وصول ملف النفايات الى مرحلة الحل المجنون، لم يكن فقط نتيجة صراعات سياسية في جانب، وتزاحم على المنفعة في جانب آخر، وانما كان أصلاً من تداعيات الموقف الرسمي غير الحازم في دعم الحلول التي يسميها الوزير شهيب عقلانية. وما يحتاجه لبنان واللبنانيون – أقله في ملف النفايات – أن يقتنع رئيس الحكومة تمام سلام بقدرته على التشدد والحسم في موضوع تؤازره فيه غالبية الرأي العام، بالتخلص من النفايات بأية طريقة وفي أسرع وقت. وما اعتبره رئيس الحكومة مرونة وحكمة في اتخاذ الموقف، فسّره الآخرون بأنه دليل تردد وضعف دفع بالكثيرين الى التجرؤ على الحكومة ورئيسها، فاهتزت الهيبة، وكثرت وصفات أصحاب الشهية المفتوحة لالتهام القرار الحكومي ساخناً وبارداً لا فرق!
***
ليس ما بعد فشل الحل المجنون سوى العودة الي الحلول العقلانية بطبعة جديدة تكون مصحوبة هذه المرة بالقرار الحكومي المعزز بالهيبة والحزم، فلا تصطك ركب الحكومة في مواجهة مجموعات اعتراض صغيرة، سواء أكانت صادقة في مطالبها أم كانت متلاعبة لغايات أخرى. وأسلوب الفرز من المصدر لا يحتاج الى دكتوراه وثقافة جامعية لأن عاملات المنازل قادرات على القيام به باشراف بسيط من أهل البيت. وخير ما يفعله رئيس الحكومة هو ألا يبالغ في اللين فيُعصَر، ولا يبالغ في الصلابة فيُكسَر! –