IMLebanon

دار الفتوى تتضامن مع وزير الداخلية في وجه الضغوط الغربية والمحلية

 

مولوي يتمركز في المعادلة العربية ويرفض هدم الأخلاق من خلال الشذوذ

 

 

اتخذ المسار السياسي لوزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي مساراً تصاعدياً ثابتاً منذ لحظة تولّيه أحد أهمّ المناصب وأكثرها حساسية في لبنان، ومن قاضي يتعرّف اللبنانيون عليه في موقعٍ قيل إنّه اعتلاه بعد موافقة النائب جبران باسيل، وفترة استيعاب للملفات والقضايا المرتبطة بوزارته، بدأنا نشاهد معالم التميّز وانكشاف الكفاءة وإثبات القدرة على صياغة التوازنات السياسية وفي ضبط المعادلات الأمنية وأخذ دور متقدِّم في السعي لتحسين علاقات لبنان العربية المصابة بالكثير من الخلل والاستهداف.

إعادة الثقة للعلاقات مع العرب

أولى الوزير مولوي العلاقة بالعالم العربي أهمية خاصة، فبذل جهده للحدّ من محاولات اختراق الحدود العربية بسلاح المخدِّرات، وقدّم تعاوناً واضحاً مع المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي، مما جعل وزارة الداخلية اللبنانية محطّ اهتمام وتقدير هذه الدول، وكان التعبير عن هذا التقييم بزيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الى وزارة الداخلية حيث التقى الوزير مولوي بتاريخ 23 كانون الثاني 2022 وأعلن عن المبادرة العربية تجاه لبنان.

من دون صخبٍ ولا ضجيج، استطاع الوزير مولوي وضع أجهزة وزارة الداخلية في موقع المتصدّي لحرب المخدِّرات على العرب، وهي حربٌ معروفة المصدر ولا يحتاج إلى توضيح، وتكامل عمل قوى الأمن مع الجيش كان أحد أهمّ عناصر صمود استراتيجية وزير الداخلية، من دون الذهاب إلى مساحة الشعارات الرنّانة والإنجازات المحدودة، بل شاهد اللبنانيون والعرب نتائج هذه الجهود، وهذا ما أدّى إلى انفتاح مهمّ على لبنان من خلال وزارة الداخلية.

رفض الهيمنة العونية الباسيلية

شكّلت المطالعة التي ألقاها الوزير في برنامج «صار الوقت» مكاشفة عالية المستوى للرأي العام اللبناني وأعطت التقييم الموضوعي لعهد الرئيس ميشال عون وللسياسات التي اتبعها، وبيّنت المسافة الآمنة التي اتخذها الوزير من هذا العهد، خاصة في نزعه الأخير عندما حاول فرض إرادته على الوزراء في ملفات تفوح منها روائح الفساد وكان أخطرها ملف تجنيس أكثر من خمسة آلاف أجنبي أغلبهم ملاحقون أو محسوبون على النظام السوري وإيرانيون ومتمولون يريدون الجنسية لأهدافٍ مشبوهة.

منع استغلال الإرهاب ضدّ السنّة

فاجأ الوزير مولوي كثيرين ممن راهنوا على احتمال فشله في الملفات السياسية والأمنية والإدارية الشائكة، وخاصة في ابتعاده عن وسائل الدعاية في المجال الأمني والتركيز على الأولويات في مكافحة الاتجار بالمخدِّرات والإرهاب، والاحتفاظ بخطاب واقعي حول هذا الملف، حال دون استغلاله لصالح فريق اعتاد على استخدام شمّاعة الإرهاب لاستهداف خصومه في السياسة، بالتوازي مع توجه واضح من قيادة الجيش بوقف هذه الممارسات أيضاً.

يخوض الوزير مولوي مواجهة أخرى لا تقلّ أهمية عمّا تقدّم وهي التصدي للضغوط الغربية من أجل التغاضي عن نشاط المجموعات الداعية إلى الشذوذ الجنسي وكسر القيم الدينية والأخلاقية في لبنان، وقد أصدر في هذا السياق قراراً بمنع الأنشطة المروِّجة للشذوذ وقمعها عند الضرورة، وهذا ما أدّى إلى موجة ضغوط مارسها سفراء غربيون وبعض نواب «التغيير» للتراجع عن هذا القرار.

كان ردّ مولوي على السفراء الغربيين أنّ لبنان له خصوصياته الاجتماعية والدينية وله أعرافه وتقاليده، ولا يمكن أن يُفرّض عليه ما يناقض هذه القيم.

استخدم دعاة الشذوذ المؤسسات الدستورية فرفعوا دعوى أمام مجلس شورى الدولة ليصدر عنه قرار بالسماح للمثليين بالحريّة الشخصيّة والتعبير والتجمّعات واللقاءات، فردّ الوزير مولوي بأنّه لن يلتزم بهذا القرار الصادر ويعتبره كأنّه لم يكن، وحذّر المثليين في لبنان من القيام بأيّ أعمال منافية للطبيعة وللأخلاق والدين، ومن ممارسة أيّة نشاطات أو تجمّعات أو لقاءات أو دعوات للمثليّة في لبنان، كما وجّه إليهم كلاماً جازماً قاطعاً بأنّ من يتبنّى المثليّة ويمارسها سيلقى عقاباً شديداً.

تضامن دار الفتوى

كان من أوّل المتضامنين مع الوزير مولوي سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي اتصل به مؤكداً الوقوف إلى جانبه في هذه القضية، وأعطى تعليماته للأوقاف الإسلامية بإصدار تعميم على جميع المساجد يقضي بإعلان التضامن مع وزير الداخلية واستنكار قرار مجلس شورى الدولة.

أرسل المفتي دريان إلى الوزير مولوي وفداً علمائياً التقاه متضامناً في وزارة الداخلية تقدّمه رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان الشيخ محمد أحمد عساف، وضمّ القاضي الشيخ خلدون عريمط، القاضي الشيخ وائل شبارو، الشيخ زياد الصاحب والشيخ بلال الملا.

أكّد الوزير مولوي أنّه ابن أسرة محافظة تلتزم بالقيم الأخلاقية للدين، ولا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال أن يسمح بهكذا تجمعات لأنها تتناقض مع قيمنا الإسلامية والمسيحية وتهدّد ترابط الأسرة، وهي ضدّ الفطرة الإنسانية، وإذا أباحتها بعضُ المجتمعات الغربية فلن نسمح بها التزاماً بقيمنا الدينية الإسلامية والمسيحية، وسيبقى وزير الداخلية مصرّاً على موقفه، وهو يعتبر قرار مجلس الشورى كأنّه لم يكن، وهذا الموقف غير قابل للمساومة.

استنكر الوزير مولوي قيام بعض النواب (التغييرين) بالتدخّل لصالح دعاة الشذوذ وطلب التساهل معهم، وكان الردّ بالرفض القاطع. لكنّ هذا التدخّل يعيد طرح إشكالية عدد من نواب «التغيير» الذين فازوا بأصوات أهل السنّة وانحرفوا بها لتهديم الأسس الاجتماعية وضرب الفطرة الإنسانية والدينية.

مواقف مولوي

خلاصة مواقف الوزير مولوي في هذا الملف هي أنّه سيبقى مصرّاً على منع نشاطات الشاذين لأنّها تضرب القيم والأسرة بغضّ النظر عن ما صدر عن مجلس شورى الدولة.

هذا الموقف الجريء والحازم من الوزير مولوي قوبل بموجة ترحيب عارمة من مختلف أطياف المجتمع اللبناني لأنّه يمثِّل دفاعاً عن الأخلاق والقيم الدينية الإسلامية والمسيحية، والتي تشكِّل قاعدة الارتكاز للكيان اللبناني والمنطلق للشراكة الوطنية السليمة، وهذا ما دفع الهيئات الدينية من مختلف الطوائف والمذاهب إلى إعلان تضامنها مع الوزير مولوي في وجه حملات الضغط التي يتعرّض لها.

يعتبر وجود الوزير مولوي في موقعه في هذه الفترة الحسّاسة والدقيقة ضمانة لمنع هدم حصن الأخلاق بانتظار إستعادة التوازن الوطني على جميع المستويات، وهو ما ينبغي أن يدركه جميع المعنيين بسلامة البناء الاجتماعي اللبناني، من جميع الشرائح والانتماءات الدينية والمذهبية، فلا يجب السماح للانهيار الاقتصادي أن يصل إلى قواعدنا القيمية، ويتحوّل إلى انهيار أخلاقي، فهنا مكمن الخطر الأكبر.