IMLebanon

وزيرة «القوة الناعمة»: هكذا خضت معركتي

 

 

تمثّل وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ندى البستاني خوري «القوة الناعمة» بامتياز. صحيح انّ شخصيتها هادئة ومسالمة، إلّا أنها لا تتردد في استخدام «أظافرها» وصلابتها عندما تدعو الحاجة. معركتها ضد كارتيلات النفط وضعتها في مرتبة «أخت الرجال» وصنعت لها شعبية في صفوف الناس، وكذلك أعداء في صفوف أصحاب المصالح المنتفخة… فماذا تقول البستاني عن تلك التجربة؟

من مكتبها الذي يعجّ بالملفات، تخوض البستاني إحدى أصعب التحديات في مواجهة منظومة «المصالح العميقة» التي تضم «حيتاناً» على كل المستويات، ما شَكّل مفاجأة غير سارّة للبعض، ممّن افترض انّ بالامكان «استضعافها» ولَي ذراعها، فقط لأنها امرأة.

 

وعلى الرغم من صعوبة الاختبار وحساسيته، استطاعت البستاني ان تحتفظ بابتسامتها وهدوء أعصابها، مطمئنة الى قدرتها على الصمود والثبات.

 

وتؤكد البستاني لـ«الجمهورية» أنها لم تؤدّ سوى واجبها في ملف البنزين، لجهة حماية حقوق المواطن والدولة على حد سواء. «لكن، ومع تفشّي الفساد وتقصير المسؤولين في تأدية مهماتهم، أصبحت البديهيات تبدو كأنها إنجازات، وصار كل من يتحمّل مسؤوليته ويتخذ القرار الصحيح كناية عن بطل، في حين انه لا يفعل سوى واجبه».

 

وتشدّد على أنها تحرّكت بشكل تلقائي وعفوي لمنع تحميل المواطن أي زيادة على سعر البنزين وللحؤول دون انقطاع هذه المادة الحيوية، من دون أي أبعاد سياسية او حسابات شخصية. وعن ذلك تقول: «عندما اتخذتُ قرار المواجهة لم أكن أخطط للقيام ببطولات متعمدة او لتحقيق انتصارات مصطنعة، بل فعلتُ ما يمليه عليه ضميري وموقعي بمعزل عن ردود الفعل المحتملة ومن غير ان يكون لديّ هاجس الشعبية».

 

وتضيف: «منذ استقالة الرئيس سعد الحريري، لم أتصرف للحظة على أساس انني وزيرة تصريف أعمال، وإنما لا أزال أتحمّل مسؤولياتي كاملة وأتابع الملفات بكل الجدية والمثابرة المطلوبتين، كأنّ الحكومة أصيلة، لأنّ هذه الظروف الدقيقة التي يمر فيها لبنان تتطلّب ان نَبذل أقصى الجهود للتقليل من انعكاساتها السلبية على الناس».

 

ورداً على سؤال عن احتمال عودتها الى الحكومة المقبلة، تجيب: «صدّقني… لا افكر في الأمر ولا يعنيني. ما أعرفه انّ مهماتي في الوزارة رتّبت عليّ أعباء شخصية ثقيلة، الى درجة انني لم أحظ بفترة الراحة الضرورية بعد الولادة. لكن ما يخفّف عني وطأة التعب والضغط هو التفاعل الايجابي معي من قبل الناس».

 

وتلمّح البستاني الى انّ البعض يوحي عبر الاشارات المتفرقة التي أرسلها بأنه منزعج من حيويتها في وزارة الطاقة ومن قراراتها الاخيرة المتعلقة بالبنزين، مُستغربة كيف أنّ هناك من يَتحسّس حيال النجاح في شأن عام، «وكأنّ المطلوب معاقبة أو محاصرة الشخص الذي يحاول أن ينجز أمراً ايجابياً، من دون الالتفات الى المردود العام لِما يتحقق».

 

وفي هذا السياق، تشير البستاني الى أنها لاحظت أخيراً انّ هناك شائعات مبرمجة تستهدفها، من خلال تسريب أخبار كاذبة عنها او تحوير ما تقوم به، سعياً الى تشويه صدقيتها والتقليل من شأن القرارات التي اتخذتها أخيراً، مُشدّدة على انها لن تتأثر بهذا التشويش وهي مستمرة في خياراتها، على قاعدة انّ الأولوية هي لخدمة الناس وتخفيف الاعباء عنهم قدر الامكان.

 

وتوضح أنها تعرضت لضغوط في موضوع تنظيم مناقصة استيراد البنزين «بعدما تأكّدوا من جديتي في رفض زيادة سعر صفيحة البنزين، إلّا انني صممتُ على الاستمرار في خياراتي حتى النهاية لاقتناعي بجدواها وصوابيتها».

 

وتتابع: «لقد كان ينتابني شعور بالانزعاج والضيق عندما كنت أشاهد طوابير السيارات والمواطنين امام محطة البنزين المحاذية لمنزلي. هذا المشهد الذي تكرر في كل المناطق استفَزّني من جهة، وحَفّزني من جهة أخرى على اتخاذ كل التدابير الضرورية لوقف تلك المهزلة».

 

وتشدد البستاني على ضرورة ان يتابع أيّ وزير مُقبل للطاقة ما بدأته هي من ضبط للسوق وزيادة المنافسة، إنطلاقاً من قاعدة انّ الحكم استمرارية، «أمّا إذا حصل العكس وجرى التراجع عمّا تحقق، فستجدونني حينها أول المعترضين لأنه لا يجوز أن نعود الى الوراء في هذا القطاع».