IMLebanon

قرم لـ”نداء الوطن”: البيروقراطية تُعرقل القطاع وحاسبوني إذا…

 

يشكو وزير الاتصالات جوني قرم من التعقيدات البيروقراطية التي فرضتها المادة 36 من قانون موازنة العام 2020، والتي تنصّ على أنّه “خلافاً لأي نصّ قانوني أو تعاقديّ آخر، وباستثناء الرواتب، تلزم الشركات المشغّلة لقطاع الخلوي بتحويل الإيرادات الناتجة عن خدمات الاتصالات الخلوية المحصّلة إلى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان يوميّ الاثنين والخميس من كلّ أسبوع، على أن تحدد آلية دفع المبالغ التي تتوجّب على الخزينة لصالح تلك الشركات من بدل إدارة ونفقات وأعباء ومشتريات وخلافه، تتحمّلها الشركات في مجال عملها، بموجب قرار يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيريّ المالية والاتصالات”… والتي تكبّل برأيه القطاع وتحول دون تأمين المصاريف اليومية الروتينية. ولذا يعتقد أنّه بات من الضروري تعديلها أسوة برأي لجنة المال والموازنة التي تعمل على الصياغة الجديدة.

 

في الواقع، فإنّ هذه المادة أدخلت قانون الموازنة في العام 2020 على أثر اندلاع “انتفاضة 17 تشرين” كخطوة إصلاحية من باب ضبط الإنفاق في قطاع الخلوي لكي تكون إيراداته ومصاريفه تحت المجهر، بعدما تحوّلت الشركتان إلى دجاجتين تبيضان ذهباً، الذي صار متاحاً أمام أي وزير يستلم الحقيبة، فأنفِق خلال السنوات العشر الأخيرة حوالى خمسة مليارات دولار تمّ دفعها كمصاريف تشغيلية (3 مليارات دولار) ومصاريف رأسمالية (2 مليار).

 

ولهذا يتخوّف المعنيون في القطاع من إعادة تشريع أبواب الانفاق التشغيلي الذي يتضمن، على سبيل المثال، عقود الصيانة والتأمين والاستئجار، من دون أي ضوابط، خصوصاً وأنّ القانون، كما يشير هؤلاء، لم ينصّ أبداً على طبيعة الآلية الواجب اعتمادها لتنفيذ القانون، تاركاً تحديدها لوزيريّ المالية والاتصالات، ما يعني ممكن وضع آلية مرنة، سهلة التطبيق شرط اعتماد الشفافية لتبيان المدخول والمصاريف بتفاصيلها لا أكثر، وقد تكون عملية شهرية لا يومية.

 

ولكن لوزير الاتصالات وجهة نظر مختلفة. فهو يؤكد لـ”نداء الوطن” أنّ الآلية تشكل بحدّ ذاتها عملية معقدة، اذ “يفترض وفق القانون، أن يتم تحويل إيرادات الشركتين، يوميّ الاثنين والخميس من كلّ أسبوع إلى مصرف لبنان، فيما بعض المصاريف التشغيلية تحتاج إلى سرعة بتّها وتأمينها ولا يمكن انتظار الدورة البيروقراطية، التي تبدأ بوزارة الاتصالات وتمرّ بوزارة المال ومن ثمّ مصرف لبنان لتعود إلى وزارة الاتصالات، ومن هذه المصاريف على سبيل المثال تأمين المازوت لمحطات الإرسال التي باتت لا تعمل إلّا على المازوت بسبب انقطاع التيار الكهربائي الدائم، ما يعني أنّ الاجراءات التي تفرضها المادة 26 ليست عملية ومن شأنها أن تعرقل العمل الروتيني اليومي الذي قد يحتاجه القطاع ليستمرّ، خصوصاً وأنّ المورّدين ليسوا في وارد اقراض الشركتين بسبب العجز الذي يصيب المالية العامة وفقدان عامل الثقة بين الطرفين، وبالتالي لا بدّ من تأمين السيولة مباشرة عند طلب المازوت أو أي قطع غيار قد تحتاجها المحطات”.

 

ويشير إلى أنّه “على سبيل المثال، ثمة 300 عقد استئجار في شركة “تاتش” انتهت مدتها ولم يتمّ التجديد لها بسبب القانون بانتظار الأذونات”، لافتاً إلى أنّه “لو كانت قيمة هذه العقود مؤمنة فوراً لكان بالامكان التفاوض مع الموردين أو الأطراف الثانية في هذه العقود، لتخفيض قيمة هذه العقود، لكن عدم توفرها والخشية من الغرق في البيروقراطية، دفعا إلى تعليق هذه العقود وعدم تسديدها، لا سيما وأنّ بعضها بالدولار وليس بالعملة الوطنية”.

 

يضيف: “نحن الآن بصدد التعاون مع وزير المال لتأمين المدفوعات، ولكن بالنتيجة ثمة استحالة في وضع آلية عملية تسمح بسرعة العمل وديمومته، خصوصاً في ما خصّ المصاريف التشغيلية التي هي “الخبز اليومي” للشركتين، ثمة استحالة في تخطي حواجز البيروقراطية بشكل يومي لتأمين سرعة العمل”.

 

ويؤكد قرم أنّه “وعلى خلاف بعض المسؤولين في وزارة الاتصالات، أصررت على ابقاء المصاريف الرأسمالية بيد مجلس الوزراء بمعنى أنه لا يمكن لأي من الشركتين أو الوزير أن يوقّع أي عقد ذي طابع رأسمالي (شراء معدات أو مبنى…) إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وذلك من باب ضبط الهدر بشكل نهائي، ولكي لا تكون هذه المصاريف بيد الشركتين أو أي وزير قد يستلم هذه الحقيبة في مرحلة لاحقة”.

 

ويشير إلى أنّه “طرح في المقابل السماح لديوان المحاسبة باجراء رقابة لاحقة للتدقيق بحسابات الشركتين، ولو أنّهما شركتان تجاريتان مساهمتان، وهو أمر لم يكن متاحاً في السابق، وقد تمّ اجراء تعديل القانون على هذا الأساس، وهو شرط ضروري لكي يستعيد القطاع حيويته من خلال الإمساك مجدداً بالمصاريف التشغيلية التي ستبقى تحت رقابة ديوان المحاسبة، ولكن بعد إخراجها من الروتين الإداري الذي يعوّق الإنفاق اليومي”.

 

كيف يمكن اقناع الرأي العام بشفافية هذه الخطوة؟

 

يجيب: “لا يمكن اقناعه إلا بالممارسة نظراً لانعدام الثقة بكل القطاعات العامة وقد صار الخلوي واحداً من هذه القطاعات التي عليها أن تعمل لكي تسترد الثقة”.