IMLebanon

وزير التربية لا يقيل الفاسدين… ويلوّح بالاستقالة

  

ليست المرة الأولى التي يلوّح فيها وزير التربية، عباس الحلبي، بالاعتكاف أو الاستقالة، احتجاجاً على عدم تمويل برامج وزارة التربية. ففي كل مرة يجد فيها نفسه محشوراً، ومحاطاً بالضغوط، يستخدم هذه الورقة وسيلة ضغط في كل الاتجاهات، تارةً صوب الجهات المانحة، وطوراً لابتزاز رئيس الحكومة ووزير المال اللذين لم يحسما، بالمناسبة، حتى الآن «بدل الإنتاجية» المنتظر إعطاؤه للمعلمين هذا العام.فرض رسوم تسجيل بقيمة 50 دولاراً على تلامذة المدارس الرسمية اللبنانيين، بما يخالف قانون مجانية التعليم، ليس المأزق الوحيد الذي قلب الطاولة على الوزير. فهناك ملفات تعجّ بها الوزارة تتعلق بفساد الموظفين وآليات العمل والسياسات المتبعة من الحلبي نفسه، والذي لم يقدم حلولاً لأيٍّ منها، علماً أن التمويل متوقف بسبب هذا الفساد نفسه. فقد سبق لمنظمة اليونيسف أن أعلنت، في بيان رسمي، أنها لن تقدم مزيداً من الدعم ما لم تكن هناك إعادة تنظيم وخطوات إصلاحية. والكلام نفسه سمعه الحلبي من منظمة اليونسكو قبل أيام.

وكان تحويل الأموال في الفترة السابقة يتم عبر صندوق ائتماني وليس مباشرة إلى الوزارة، ما يشي بفشل الإدارة التربوية في تنظيم المساعدات والهبات، وبعجز المؤسسات الرقابية الوطنية عن التدقيق والمراقبة. وجزء من اهتمام هذا الصندوق هو تسجيل التلامذة السوريين في المدارس الخاصة، ما أدى الى تراجع أعدادهم في المدارس الرسمية لفترة ما بعد الظهر. والوزير هو من أبرم عقوداً وهمية لمستشارين بآلاف الدولارات، وهو من سكت على الرشى التي يتقاضاها موظفون في وزارته، تبدأ بـ 500 دولار ولا تنتهي بـ«ليرات ذهب»، وهو من تغاضى أيضاً عن إعطاء المدير العام عماد الأشقر موافقات استثنائية لمدارس خاصة أو فتح مدارس دامجة مقابل آلاف الدولارات. وفي حين كان المطلوب منه عدم احتضان دكاكين المدارس الخاصة، بات يعتلي منابرها. إفلاس الوزارة هو بسبب هؤلاء الفاسدين الذين بدلاً من أن يقيلهم، لوّح بالاستقالة.

الوزارة التي وصلت موازنتها إلى 210 ملايين دولار وسلفة خزينة بقيمة 150 مليوناً فشلت في تمويل صناديق المدارس

 

بنى الحلبي «مجده» على الوفر المالي من مشروع S2R2 المموّل من البنك الدولي، فسعى الى إسكات الأحزاب وتنفيعها بطرق ملتوية من خلال المشروع، وعندما توقف المشروع رفعت الأحزاب الغطاء عنه ولم يعد يعنيها أن تحوّل الدولة أموالاً من الخزينة العامة لمصلحة وزارة التربية. والمفارقة أن الأحزاب السياسية هي أول من تبرّأ من الحلبي، وعلى رأسها الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل. وفيما بادر الاشتراكي إلى إصدار بيانات ضد الوزير، سارع أحد نواب حركة أمل إلى التسريب للإعلام أنه بصدد لقاء رئيس الحكومة لإعفاء الطلاب من الرسوم.

الحلبي حصل العام الماضي على زيادة في موازنة الوزارة التي وصلت الى 210 ملايين دولار، إضافة إلى سلفة خزينة بقيمة 150 مليون دولار، ولم يتمكن من تحويل 20 مليون دولار بالحد الأدنى إلى صناديق المدارس الخاوية.

هذه المرة، توقيت التلويح بالاستقالة مشبوه، وخصوصاً أنه يترافق مع حملات إلكترونية تروّج بأن العام الدراسي الرسمي في خطر ما لم تؤمّن الحوافز للأساتذة، ما سيهزّ ثقة الأهالي بالمدارس والثانويات الرسمية مجدّداً، علماً أنها تشهد مع بدء الأعمال التحضيرية إقبالاً لا مثيل له.