ينطبق على وزير التربية، عباس الحلبي، وأركان وزارته المثل القائل «الناس بالناس والقطة بالنفاس»، إذ لا ينفك يصدر في كل يوم قرارات وتعاميم مبهمة ومنفصلة عن الواقع، يزعم أنها مرتبطة بـ «خطة» لإنقاذ العام الدراسي، فيضع مواعيد محددة للتسجيل وللتعليم، قبل أن يجمع المعلومات الكاملة عن أحوال الأساتذة والطلاب النازحين.
آخر القرارات، القرار 799 الذي يعلن فيه الحلبي «تسجيل التلامذة في المدارس والثانويات المعتمدة كمراكز إيواء أو غير المعتمدة والتي تُعتبر آمنة، ابتداء من يوم أمس، إما حضورياً أو عبر رابط إلكتروني»، طالباً من المعلمين النازحين أن يسجلوا أسماءهم في أقرب ثانوية أو مدرسة قريبة من سكنهم الجديد، سواء أكانت هذه المدرسة معتمدة أم غير معتمدة مركزاً للإيواء، على أن يصدر لاحقاً قرار يتضمن تحديد المدارس والثانويات الرسمية والخاصة التي ستُعتمد للتدريس سواء أكان حضورياً أم عن بعد، وتحديد أيام التدريس وعددها وتوزيع التلامذة، كما سيصدر قرارٌ يُلحق المعلمين النازحين وغير النازحين بالمدارس المعتمدة وغير المعتمدة كمراكز إيواء.
بموجب القرار، ستفتح مدارس رسمية أبوابها للتعليم الحضوري و«أونلاين» كما حصل مع مدارس خاصة، وستبقى أخرى مقفلة بلا تعليم، وسيداوم معلمون هنا وسينشغل آخرون في إزالة الركام هناك، ما عدا غياب الظروف المؤاتية للتعليم أصلاً، من المكان إلى القدرة والحضور الذهني والنفسي والعائلي والاجتماعي. والغريب أن الوزير لا يزال يتحدث عن أماكن آمنة و«غير آمنة»، ويطلب من المعلمين أن يلتحقوا بأقرب مدرسة من مركز الإيواء والتي قد تبعد عشرات الكيلومترات، فيما الطرقات المؤدية إلى هذه المدارس غير آمنة أيضاً، فمن يتحمّل مسؤولية سلامة هؤلاء؟ وهل بلدة الوردانية في إقليم الخروب، مثلاً، آمنة بعد تهديد العدو لها أمس، ما أدى الى نزوح من نزحوا إليها؟ وأي بلدة في كل البقاع وفي كل الجنوب «آمنة» لاستئناف التدريس فيها؟
روابط الأساتذة تطالب بتعليق العام الدراسي
تترك هذه القرارات غير المنطقية نقمة في صفوف المديرين والمعلمين. فبعض المديرين الذين طُلب منهم التواصل مع الأهالي لمعرفة أماكن نزوحهم وكيفية توفير التعليم لهم، سمعوا منهم جواباً واحداً: «هلق مش وقتها». وشكا معلمون من طلب مديرين لهم أن يداوموا 5 أيام خلال فترة التسجيل كما لو أنهم في الأحوال الطبيعية، مستغربين تهديد الوزير بمحاسبتهم وحرمانهم من بدل الإنتاجية إذا لم يلتحقوا بالتعليم. والأهم ما أثاره المعلمون لجهة أن مكان النزوح ليس مستقراً أو دائماً ولا سيما إذا كان الشخص نازحاً في بيت أحد الأقارب أو الأصدقاء، إذ يمكن أن يغيّره أكثر من مرة، وبالتالي فإن تحديد المدرسة التي سيلتحق بها ليس أمراً سهلاً.
لم تعارض روابط الأساتذة التسجيل الإلكتروني، لكنها تطلب التريث في موضوع الحضور وصولاً إلى تعليق العام الدراسي ريثما تنجلي الصورة، خصوصاً أن البلد يعيش حرب إبادة. وسألت مصادر الروابط عن بطاقة الاتصالات التي وعد بها وزير التربية لمتابعة التعليم «أونلاين»، مشيرة إلى أن الخطة غير موجودة حتى الآن لجهة معرفة القدرة الاستيعابية لما سُمي بالمدارس الآمنة وإمكانية توزيع الأساتذة عليها، فلا يكون هناك نقص هنا وفائض هناك.