Site icon IMLebanon

وزير الاعلام ملحم الرياشي  ووزير المكافحة نقولا تويني

قد تكون الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري من أكثر الحكومات اللبنانية التي انطلقت بزخم منذ نيلها الثقة، مدفوعة بالأجواء الدينامية التي قادت الى انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية… هذا على الرغم من بعض التعثر الذي أصابها لاحقا بفعل تعقيدات الوضع اللبناني، المعقد بطبيعته وب جينات تركيبته. والحالة نفسها انطبقت على وزراء هذه الحكومة، وان تفاوتت الأساليب والطريقة، من حالة وزراء يعملون بصمت، ووزراء يستمرون بالصمت، ووزراء خرجوا الى العلن بعد انجاز بعض المشاريع المتعلقة باختصاص وزاراتهم التقليدية، أو الوزارات المستحدثة في اطار صيغة وزارات الدولة.

قد يكون وزير الاعلام ملحم الرياشي يمثل حالة خاصة بين كل الوزراء الآخرين… فهو من جهة لا يجد حرجا في المسارعة الى اعلان الهدف الذي يسعى الى تحقيقه، وهو في الوقت نفسه، يحيط عمله باطار واق من الكتمان. وقد كان من أسرع الوزراء الذين أعلنوا عن هدف إلغاء وزارة الاعلام كما في العالم المتقدم، وابدالها بوزارة تواصل وحوار، وهذا من أكثر ما يحتاج اليه لبنان. وللوزير الرياشي علامتان، الأولى هي انتماؤه السياسي، والثانية هي تكوينه الفكري والنفسي الذي يتجه من تلقائه الى الحوار والمصالحة والتقريب بين المتباعدين، اضافة الى موهبته كمفاوض بارع. وكلما كثر أمثال ملحم الرياشي بهذا التوجه الثاني، تناقصت الخلافات بين المكونات اللبنانية، ومالت الأجواء العامة أكثر الى الصفاء…

بين الوزراء من يجعل منهم تكوينهم النفسي والفكري وطباعهم، أقرب الى العمل الجاد بصمت وتواضع وتضحية ونزاهة، دون أن ينتظروا حمدا أو شكورا. ومن هؤلاء وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني. واذا كان لأحد أن يختصر العهد الجديد بوزارة من وزارات الحكومة الحالية، فهي هذه الوزارة بالذات التي تم انشاؤها للمرة الأولى، وأسندت اليها احدى أصعب المهمات وأكثرها تعقيدا في لبنان، وهي مكافحة الفساد. وقد يكون نقولا تويني من أكثر الرجال الأوادم في البلد، إلاّ أن هذه الصفة وحدها لا تكفي للنجاح بهذه المهمة الصعبة، إذ المطلوب من الوزير ليس أن يكون من الرجال الأوادم وحسب، بل أن يكون رأس الحربة في مواجهة وعفوا للتعبير زعران الفساد، والمكنسة التي تنظف الوزارات والدوائر الرسمية وغير الرسمية منهم!

مكافحة الفساد هي حرب علنية، وليست مجرد قرارات تتخذ في اطار السرية والكتمان. وعلنية تلك الحرب هي من مسببات نجاحها، لأن ابراز نشاطاتها وأنيابها ومخالبها في الاعلام، هي من أسباب ردع الفاسدين أو من تسول لهم أنفسهم الانزلاق الى هذه المعصية. وآخر ما يحتاج اليه وزير مكافحة الفساد هو العمل بصمت أو الاعتصام به! وعلى العكس، فهو يحتاج الى حملة علنية في الاعلام والقضاء وأجهزة الأمن، لدبّ الرعب في قلوب الفاسدين، فيمتنعون في مرحلة أولى عن مدّ أيديهم الى المال الحرام، تحسبا وخوفا من المساءلة… ثم في مرحلة لاحقة يقتضي توجيه ضربة قاصمة الى رأس من رؤوس الفساد كمثال وعبرة، حتى يقتنع الجميع بأن العهد جاد في مكافحة الفساد، وان وزارة مكافحة الفساد ليست مجرد ديكور، أو مجرد قوس من أقواس الزينة للعهد الجديد…