IMLebanon

وزير الدفاع لـ”نداء الوطن”: الجنوب مزروع في وجداني والجيش يبقى حامي الوحدة الوطنية والإستقرار

 

معايداً العسكريين في عيد الجيش ومتمنّياً لهم أياماً أفضل

 

 

يمر العيد السابع والسبعون للجيش اللبناني على لبنان وهو ليس في أفضل حال. لا بل ربما يكون في أسوئها على الإطلاق. ولأن المؤسسة العسكرية في قلب لبنان ولأن لبنان في قلبها، فكلّ ما يصيبه يصيبها والعكس صحيح. في ظلّ التحدّيات المتفاقمة التي تواجه البلد ومؤسساته، ومن ضمنها – إن لم يكن على رأسها – الجيش اللبناني، التقت «نداء الوطن» وزير الدفاع الوطني، العميد الركن موريس سليم، في مكتبه في الوزارة حيث تحدّث عن تجربته الوزارية والأوضاع العامة وواقع الوزارة ونشاطها، كما الإنجازات والصعوبات والتطلّعات المستقبلية.

 

جاء العميد الركن موريس سليم إلى وزارة الدفاع الوطني من قلب المؤسسة العسكرية التي أمضى فيها أربعين عاماً من العطاء تبوّأ فيها مواقع قيادية ووظيفية متنوّعة. وهو يعرف واقع المؤسسة بعمق ويفهم هيكليّتها وحاجاتها وآلية عملها، ودور الجيش وما يعانيه العسكريون من صعوبات غير مسبوقة. وقد وجّه وزير الدفاع بمناسبة عيد الجيش التهنئة للعسكريين مثمّناً تضحياتهم، مقدّراً بطولاتهم ومتمنّياً أيّاماً أفضل لهم ولعائلاتهم وللوطن دوام العزّة والكرامة.

 

 

 

نقص الإمكانات لا يحدّ من تميّز القدرات

 

يعبّر وزير الدفاع عن إيمانه بأن الجيش هو العمود الفقري الذي يرتكز عليه الوطن وضامن استقراره وسلامة أراضيه. ويقوم من خلال لقاءاته مع نظرائه والمسؤولين العسكريين والأمميين كما سفراء الدول بحثّهم على دعم الجيش اللبناني. فالأخير استطاع الصمود في وجه الأزمة الراهنة وغير المسبوقة والحفاظ على مستوى الجهوزية للقيام بالمهام العديدة الملقاة على عاتقه، إن على الحدود أو في الداخل، لا سيّما في مجال الدفاع عن لبنان في وجه المجموعات الإرهابية ومنع أي محاولة لزعزعة الاستقرار، فضلاً عن الدور الاجتماعي الذي يؤدّيه. وقد شدّد أيضاً على تقدير لبنان وترحيبه بالمساعدات التي تقدّمها الدول الشقيقة والصديقة للمؤسسة العسكرية، مشيراً الى الثقة الكبيرة التي يبديها المجتمع الدولي والشعب اللبناني، على حد سواء، بالمؤسسة العسكرية.

 

لكن كيف الصمود والقدرات العسكرية ليست حيث يجب أن تكون؟ يجيب وزير الدفاع: «القدرات العسكرية لأي جيش تعتمد على الإمكانات المالية والاقتصادية للدولة. فالجيش اللبناني، رغم كل ما يعترض الوطن من صعوبات مادية ويحدّ بالتالي من الإمكانات اللوجستية المخصّصة له، ما زال يقوم بأداء مميّز في مجال المهمات المتعددة والمتنوّعة المولج بتنفيذها». إضافة إلى ذلك، رأى وزير الدفاع أنه لو قُدِّر للجيش أن يتجهّز بالأسلحة الحديثة براً وبحراً وجوّاً، على غرار جيوش الدول القادرة، لضاهى بقدراته أكثر الجيوش تطوّراً. وهذا يعود إلى الطاقات الفردية، الذهنية والمعنوية لأفراده الذين أثبتوا دوماً قدراتهم الفائقة على استيعاب أي نوع من الأسلحة قد تتوفّر لهم مهما كانت معقّدة أو متطورة. وأشار إلى أن أفراد الجيش، من الرتب كافة، أظهروا تميّزاً وتفوّقاً في الدورات التي يتابعونها مع جيوش أخرى في العديد من الدول الصديقة، حيث تظهر جليّة كفاءاتهم العالية والطاقات الكامنة لديهم والتي لا ينقصها سوى توفّر الإمكانات للاستحواذ على تجهيزات وأسلحة حديثة.

 

تواصل وتعاون وزيارات دورية

 

يطّلع وزير الدفاع باستمرار وبشكل دوري من قائد الجيش، العماد جوزاف عون، على أوضاع وحاجات المؤسسة العسكرية ويعمد إلى اتخاذ القرارات الآيلة إلى توفير تلك الحاجات وزيادة قدراتها. وفي هذا المجال، يؤكّد على متانة وانسيابية العلاقة مع قائد الجيش لأن الهدف الأساس هو التعاون والتكامل كون الرؤية والأهداف متطابقة.

 

وقد سبق لوزير الدفاع أن قام بزيارة مديرية المخابرات في شباط الماضي واجتمع بضبّاطها بحضور قائد الجيش، وهو يشدّد على أهمية استمرار مديرية المخابرات بمكافحة الإرهاب والتجسّس والمخدرات والفساد وكشف وملاحقة الخلايا الإرهابية.

 

ومن ضمن زياراته أيضاً، قام بجولات تفقّدية عدة من بينها، في كانون الأول الماضي، إلى الكلّية الحربية، التي تحتل مكانة خاصة في قلبه كونه تخرّج منها في العام 1975. وقد اطّلع على التطور الكبير الذي طرأ على مناهج التدريب ومواكبتها لمتطلبات العصر وحاجات التلامذة الضباط للتسلّح بالمعارف التي تؤهّلهم للقيام بأدوارهم القيادية المستقبلية. وبمناسبة الإحتفال بتخريج دورة الضباط في الأول من آب، توجّه وزير الدفاع إلى التلامذة الضباط بالقول: «أتمنى أن تبقوا حماة الوطن ودرعه الحصين. لقد اخترتم الدفاع عنه أرضاً وشعباً… تسلّحوا بالإيمان بوطنكم مهما اشتدّت الظلمات، واعلموا أن انتماءكم لمؤسستكم العسكرية إنما هو رسالة تبقي لبنان حياً بتضحياتكم ووفائكم للقسم».

 

مساعدة العسكريين أولويّة

 

استفساراً عن انعكاس الجو العام في البلد على أوضاع العسكريين وما تواجهه المؤسسة العسكرية من تحدّيات مؤخراً، كما السُبُل لمواجهتها، لا يُخفي الوزير سليم إدراكه الكامل لصعوبة الموقف الذي يحتّم انصباب الجهود والمساعي على مواجهة ما نتج عن تردّي الوضع المالي والاقتصادي بهدف تخفيف الأعباء المعيشية عن العسكريين. ويستفيض في شرح الجهود المبذولة لصون المؤسسة ومساعدة أفرادها، من خلال حرصه على إقرار مجلس الوزراء بعض الحقوق المادية الإضافية لهم أسوة بباقي العاملين في القطاع العام. ومن هذه المساعدات: المساعدة الاجتماعية الشهرية التي صُرفت بدءاً من تشرين الثاني الماضي للعسكريين في الخدمة الفعلية والتقاعد، وإقرار بدل نقل شهري مقطوع للعسكريين في الخدمة الفعلية بقيمة مليون ومئتي ألف ليرة – وهي سابقة تحصل للمرة الأولى في تاريخ المؤسسة العسكرية – لإسعافهم على مواجهة الأعباء المالية وما يتكبّدونه من تكاليف مرتفعة للانتقال من وإلى مراكز عملهم.

 

وبالحديث عن المتقاعدين، يقول وزير الدفاع: «ألتقي رابطة قدماء القوى المسلّحة اللبنانية كلّما اقتضى الظرف وأتابع أوضاع وشؤون الرابطة والسُبُل الآيلة الى صون حقوقهم وإنصافهم، وفاء لتضحياتهم طوال سنوات خدمتهم». وقد شدّد على إيلائه شؤون العسكريين المتقاعدين كل الاهتمام اللازم على المستويات المالية والصحية والاجتماعية. من جهة أخرى، فقد حثّهم على أن يكونوا يداً واحدة متماسكين متضامنين إزاء مطالبتهم بحقوقهم، وضرورة توحيد الجهود توصّلاً إلى صون هذه الحقوق ومكتسباتهم من خلال السُبُل التي تليق بهم وبنضالهم والقِيَم التي تربّوا وعاشوا عليها خلال مسيرة الخدمة.

 

وقد قام وزير الدفاع بتوقيع اتفاقية تعاون في المجال العسكري بين الحكومة اللبنانية وحكومة الولايات المتحدة الأميركية في العشرين من أيار الماضي مع السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا. وتلحظ الاتفاقية مساعدة مالية من الحكومة الأميركية لدعم رواتب العسكريين في الجيش عبر أحد برامج الأمم المتحدة. وقد كشف وزير الدفاع أن العملية تلك أصبحت في مراحلها الأخيرة. إلى ذلك تمّ التوصّل إلى تمديد العمل باتفاقية التعاون في مجال الدفاع بين لبنان وإيطاليا لمدّة خمس سنوات إضافية تنتهي بتاريخ 15/9/2026. الاتفاقية، التي أُقرّت في مجلس الوزراء بتاريخ 23/03/2022، تلحظ التنسيق مع وزارة الدفاع الإيطالية في ما يختص بالأعمال الدفاعية والتعاون في مجالات عدة، منها التدريب والأبحاث والطب العسكري والتكنولوجيا والإتصالات وتبادل الخبرات.

 

وللجنوب مكانة خاصة

 

عن الوضع على الحدود الجنوبية الحسّاسة وما تتعرضّ له الأخيرة من انتهاكات يتصدّى لها الجيش بالإمكانات المتاحة، يوضح وزير الدفاع أنه «نظراً لما يكتسبه الوضع في جنوب لبنان من أهمية كبرى على الصعيد الوطني، يحتل الجنوب المرتبة الأولى في سلّم أولوياتي. وبمنأى عن الإطار الرسمي، يبقى الجنوب مزروعاً في وجداني لأنه شكّل الوجهة الأولى لي بعد تخرّجي ضابطاً في اختصاص المدفعية». وقد زار وزير الدفاع في تشرين الأول الماضي قيادة قطاع جنوب الليطاني والتقى العسكريين مشدّداً على أهمية التعاون بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب لحفظ الأمن والاستقرار وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، والبقاء على جهوزية تامة للسهر على حماية كل شبر من تراب الجنوب المقدّس ومواجهة أي اعتداء عليه.

 

المتابعة المستمرة مع قوّة الأمم المتحدة العاملة في إطار اليونيفيل في جنوب لبنان تحتلّ أول اهتمامات الوزير سليم الذي يحرص على التنسيق المستمر مع اليونيفيل لتنفيذ مهامها على طول الخط الأزرق بالتعاون مع وحدات الجيش المنتشرة في قطاع جنوب الليطاني. وقد تناول وزير الدفاع علاقة التعاون القائمة بين اليونيفيل والجيش والأمور العملانية وأطر التنسيق خلال الاجتماعات التي عقدها مع رئيس البعثة الأممية وقائد القوّة العاملة في جنوب لبنان، الجنرال أرولدو لازارو ساينز، وقبله مع القائد السابق لليونيفل، الجنرال استيفانو دل كول.

 

وفي لقاءاته مع زوّاره، يشدّد وزير الدفاع على احترام لبنان الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بكافة مندرجاته، وينبّه من خطورة الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية لهذا القرار ولسيادة لبنان التي تشكّل تحدّياً صارخاً للقانون الدولي وللأمن والسلام.

 

عمل دؤوب على جبهات عدة

 

من ضمن الملفات التي يسهر عليها، لفت الوزير سليم إلى إيلائه اهتماماً خاصاً لموضوع ترقيات ضباط الجيش من رتبة عقيد إلى رتبة عميد، والتي لم يتمّ إصدار مراسيم أي من الدفعات المستحقة ذات الصلة اعتباراً من العام 2020 وحتى تاريخه. لكنه يتطلّع إلى أن يُصار لإنجاز هذا الملف في القريب العاجل، إنصافاً لهؤلاء الضباط وحفظاً لحقوقهم. أما في ما يخصّ الطبابة العسكرية، ومن منطلق ضمان استشفاء العسكريين وعائلاتهم، اعتبر وزير الدفاع، الذي ختم مسيرته العسكرية كرئيس الطبابة العسكرية أنها «المؤسسة الضامنة الوحيدة التي لا تزال تقدّم الخدمات الطبية بنسبة مئة بالمئة». وقد سبق له أن زارها ووقف على ظروف عملها وقدراتها وحاجاتها، مؤكّداً أن الطبابة العسكرية تبقى صمّام الأمان والحاضنة لصحة وسلامة العسكريين كافة، في الخدمة الفعلية والتقاعد، ومَن هُم على عاتقهم.

 

على صعيد آخر، يولي وزير الدفاع، منذ تسلّمه مهامه، المحكمة العسكرية الاهتمام اللازم ويوجّه بالالتزام بمبادئ النزاهة والتجرّد وإحقاق الحق، كما التقيّد بالمواثيق الدولية وإرساء العدل، إضافة إلى السرعة دون التسرّع في إنجاز الملفات وإصدار الأحكام. أما في ما خصّ السجون التابعة للمؤسسات المرتبطة بالوزارة، فيحرص وزير الدفاع على أن تكون مفتوحة أمام أي جهة مخوّلة للزيارة والتأكّد من صحة أوضاعها وأوضاع الموقوفين فيها، ناهيك بظروف الاحتجاز ومدى الالتزام والتقيّد بقانون حقوق الإنسان والقواعد الإرشادية الخاصة بوزارة الدفاع الوطني. وكان وفد من لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة قد زار وزارة الدفاع لتنسيق الزيارات التي تقوم بها المنظمات الدولية إلى السجون. كما كان لقاء جمع وزير الدفاع برئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سيمون كازابيانكا ايشليمان، لبحث أطر التعاون بين الجيش اللبناني واللجنة الدولية للصليب الأحمر. هذا ولا بدّ من الإشارة إلى زيارته مطلع العام الجاري للشرطة العسكرية، مثنياً على سهر قيادتها على مستوى الانضباط في الجيش وحرصها على الالتزام بالمواثيق الدولية في كل ما يتعلق بإجراءات التحقيق وحقوق الموقوفين.

 

زيارة العراق وآفاقها

 

من ضمن مساعيه المستمرّة، تحدّث وزير الدفاع عن الزيارة الرسمية التي قام بها إلى العاصمة العراقية، بغداد، في 27 كانون الأول الماضي تلبية لدعوة نظيره العراقي جمعة عناد سعدون. وكانت الزيارة لافتة إذ هدفت إلى توقيع مذكّرة تفاهم بين البلدين في المجال العسكري. وأعرب الوزير سليم خلال اللقاءات التي عقدها هناك عن تقديره لما تبذله دولة العراق تجاه لبنان من دعم في المجالات كافة. ويعتبر أن «العراق كان ولا يزال يسارع إلى مساندة لبنان وشعبه خاصة في الملمّات الجسام»، في حين أكّد لرئيس الجمهورية العراقي، الدكتور برهم صالح الذي التقاه في قصر السلام، حرص لبنان على أمن واستقرار العراق، آملاً عودته للعب دوره المحوري في المنطقة. يُذكر أن زيارة وزير الدفاع الرسمية الى العراق استُهلّت بلقاء مع مستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي، في مقر المستشارية في بغداد، حيث جرى التباحث في شأن تطوير التعاون الأمني والعسكري وأهمية توسيع أطر العلاقات العسكرية بين البلدين لتشمل أيضاً البعد الأمني.

 

وقد تمّ توقيع مذكّرة تفاهم بين وزارة الدفاع الوطني ووزارة الدفاع في جمهورية العراق حول التعاون العسكري. فهي أُبرمت بتاريخ 29/4/2022 بموجب المرسوم رقم 9087 وتهدف إلى التعاون في مجال التدريب الأساسي وفي مجال الخدمات الطبية والصحية والعسكرية.