يُسجّل لحكومة «الوحدة الوطنية» التي يرأسها الرئيس سعد الحريري، أنها عمدت إلى استحداث ست وزارات جديدة محققة هدفين بشوطة كرة واحدة. الهدف الأول هو الخروج للمرة الأولى في لبنان عن سياق وزارات الدولة، والهدف الثاني حرصها على تخصيص كل الملفات الساخنة التي يعاني منها اللبنانيون، أي الفساد والنازحون وحقوق الإنسان والعنف ضد المرأة وعدم التنسيق بين الوزارات، وزارات مستقلة ينكبّ جهد وزرائها على دراستها ووضع حلول لها، تأتي هذه الخطوة لإعادة ترميم الثقة بين المواطن اللبناني ومؤسساته الدستورية.
لا شك أن الوقت لا يزال قصيراً لمطالبة الوزراء الذين عينوا على رأس هذه الوزارات، بصورة واضحة عن رؤيتهم لهيكلية هذه الوزارات وكيفية تفعيلها، لكن من المفيد الإضاءة على خطواتهم العملية التي سيخطونها لتتحول مراسيم إنشاء وزاراتهم إلى أمر واقع وفاعل بالنسبة للبنانيين، خصوصاً أن جميع هذه الوزارات المستحدثة يحتاج إليها لبنان، وعلى رأسها وزارة الدولة لشؤون المرأة التي تولاها الوزير جان أوغاسابيان، مما أثار تساؤلات وتعليقات يستغربها أوغاسابيان لافتاً لـ«المستقبل» إلى أنه «لم يصله أي اعتراض من الجمعيات التي تُعنى بشؤون المرأة أو هيئات المجتمع المدني، وبالتالي ما وصله هو أقرب إلى اعتراضات شخصية».
ويضيف: «لا شك أني أتشرف بتولي مسؤولية هذه الوزارة، ولو خيرت لأعدت اختيارها من جديد لأن مسؤوليتها تعني مواجهة الكثير من التحديات، كما أنها تمثل أكثر من نصف المجتمع اللبناني علماً أن جهوداً كثيرة بُذلت في هذا الملف وخصوصاً في ما يتعلق بالعنف ضد المرأة، صحيح أنه يجب أن تتمثل المرأة بصورة عادلة في مجلس الوزراء، لكن هذه الوزارة تُعنى بشكل أساسي بالإنسان والمجتمع والعمل على إشراك الرجل، في ترسيخ ثقافة حياة قائمة على المساواة مع المرأة واحترام حقوقها والتفاعل معها بإيجابية».
يُجمع كل وزراء «الوزارات المستحدثة» على أنهم سيقدمون رؤيتهم حول عمل وزاراتهم إلى مجلس الوزراء لمناقشتها، وإجراء التعديلات اللازمة عليها وسيطالبون في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بفريق عمل إداري يعاونهم على تنفيذ مهامهم، ويبدي العديد منهم تفاؤلاً بالمردود الإيجابي لوزاراتهم على الشعب اللبناني، وهذا ما يوافق عليه كل من وزير الدولة لمكافحة شؤون الفساد نقولا تويني، ووزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير، إذ يشدد تويني لـ«المستقبل» على أن وزارته «ستلبّي طموحات الأوادم وتعطي ثقة بالحكم والدولة في لبنان، لأن الجميع يعبّر عن معاناته من الفساد الذي يحيط بنا، خصوصاً أن إنشاء هذه الوزارة يترجم قراراً سياسياً فاعلاً بمكافحة الفساد، لأن هذا الأمر بات ضرورة اقتصادية واجتماعية، وبالرغم من عمر الحكومة القصير إلا أنها لا شك يمكن أن تضع الأسس اللازمة لعمل جدي لهذه الوزارة».
ويصف شقير لـ«المستقبل» وزارة «حقوق الإنسان« بأنها من أهم الوزارات في المجتمعات المتحضرة، وهو سعيد بتولي مسؤوليتها وسيعمد «مع لجنة حقوق الإنسان النيابية وأعضاء المجتمع المدني والهيئات الدولية المختصة إلى وضع تصور لعمل هذه الوزارة في السنوات القادمة وعرضها على مجلس الوزراء».
ويضيف: «لا شك أن هذه الوزارة ستكون علامة فارقة في حال بُنيت على أسس متينة، وسيكون لها مردود إيجابي على الشعب اللبناني خصوصاً أن الجميع على استعداد لمساعدتنا في هذا الأمر».
هدف وزارتَي الدولة لشؤون النازحين ورئاسة الجمهورية يبدو واضحاً لكل من وزير الأولى معين المرعبي ووزير الثانية بيار رفول، وهو خدمة الناس، إذ يقول المرعبي لـ«المستقبل»: ما يهمني هو تخفيف وطأة النزوح عن النازحين وعن المجتمعات المضيفة على السواء، وسنعمل بكل طاقتنا لتحقيق هذا الأمر»، في حين يلفت رفول لـ«المستقبل إلى أن عمل وزارته «سيتركز على حل الأمور العالقة لدى الناس من خلال إعداد تشريعات وقوانين تزيل هذه العوائق»، ويضيف: «قد يكون من المبكر الحديث عن تفاصيل عمل هذه الوزارة لكن بالتأكيد أنا أعد هيكليتها بشكل جدي ليتم عرضها في مجلس الوزراء».
قد تكون وزارة الدولة للتخطيط التي تولّى مسؤوليتها الوزير ميشال فرعون حالة خاصة، كونها كانت موجودة في عهد الجمهورية الأولى وتم إلغاؤها في العام 1977، لكن فرعون يبدو متفاجئاً بإعادة هذه الوزارة إلى الحياة من جديد إذ يقول لـ«المستقبل»: «لن أبيع الناس أحلاماً وأنا متفاجئ بهذه الوزارة خصوصاً أنه لم يتم الحديث عنها معي من قبل».