عشيّة زيارة وزير المهجرين عصام شرف الدين لسوريا لاستكمال البحث في تأمين عودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة وإيجاد مراكز إيواء لهم… ماذا يجري في كواليس قوى السلطة المعنيّة بالتعامل مع هذا التحدي؟
على رغم من أهمية الملفات «المنافِسة»، لا تزال قضية النازحين السوريين «صامدة» ضمن أولويات المرحلة، بعدما باتت تشكّل استنزافاً يومياً لما تبقّى من دولة ومقدرات، فيما اللبنانيون أنفسهم باتوا لا يجدون ما يسدّ رمق عيشهم ويؤمن حاجاتهم.
واذا كان مفهوماً انّ احد اسباب التأخير في معالجة هذا الملف يعود إلى التجاذبات الدولية، فإنّ ما ليس مفهوماً ان يكون هناك تجاذب بين المسؤولين اللبنانيين الذين يختلفون على ترسيم حدود الادوار والصلاحيات وتقودهم حسابات ومصالح متباينة إزاء إحدى أكثر القضايا حساسية.
ومَن يتابع سلوك رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والمهجرين والشؤون الاجتماعية يشعر بوضوح انهم ليسوا على موجة واحدة لجهة نمط التعاطي مع أزمة النزوح، بحيث انّ اللجنة الوزارية المختصة بمسألة النازحين باتت تحتاج إلى لجنة للتوفيق بين أعضائها، خصوصا بين وزير المهجرين من جهة والرئيس ميقاتي وبعض الوزراء من جهة أخرى.
ومن الواضح ان لا كيمياء تجمع شرف الدين مع زميليه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، مع انهم جميعاً ينخرطون ضمن الخط الاستراتيجي الواحد، أو هكذا يُفترض ان يكون.
وبرز في هذا السياق انّ رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» طلال أرسلان، الذي يمثّل المرجعية السياسية لشرف الدين، رَدّ بحِدة على موقف بوحبيب الذي اعتبر فيه ان النازحين يرسلون اموالاً الى بلادهم، وبالتالي هل تطلب الدول من مواطنيها العودة اليها حين يرفدون الاقتصاد بالعملة الصعبة؟ وذلك في إشارة الى انّ دمشق ليست لديها مصلحة في إعادة النازحين.
وقد اعتبر أرسلان في تغريدة له انّ تصريح بوحبيب مرفوض ومُستنكر، مشدداً على أن «كل من يتحدث عن رفض او عرقلة من الدولة السورية لعودة النازحين يُضلّل الناس»، ومشيراً الى انّ «العرقلة تأتي من الداخل اللبناني والمجتمع الدولي، فأوقفوا الكذب».
وكان لافتاً انّ صحيفة «الوطن» السورية القريبة من القيادة نشرت موقف أرسلان على صفحتها الأولى وخَصَّته بمانشيت عريض.
واللافت كذلك ان شرف الدين لم يحضر الاجتماع الذي انعقد امس الأول في قصر بعبدا للبحث في مسألة النازحين، بمشاركة وزيري الخارجية والشؤون الاجتماعية والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الأمر الذي لا يخلو من دلالات، وإن كان شرف الدين قد تعمّد أن يُقلّل من أهميته.
ولكن المشكلة الأكبر تبقى بين ميقاتي وشرف الدين، والتي وصلت إلى حَد تَجاهل رئيس الحكومة الرَد على رسائل نصية أرسلها وزير المهجرين قبل أيام، سواء عبر «غروب» اللجنة الوزارية للنازحين متمنياً عقد لقاء ضروري للجنة، أو عبر هاتف ميقاتي الشخصي حيث طلب منه شرف الدين تحديد موعد له لزيارته، إنما من دون أن يأتي الجواب.
ويرجّح محيطون بوزير المهجرين انّ ميقاتي يتهرّب من لقاء شرف الدين لأنه لا يريد أن يغطّي سياسياً مَسعاه المباشر مع القيادة السورية لتسهيل عودة النازحين، تحسّباً لأي حرج قد يواجهه مع المجتمع الدولي والدول المانحة.
وبهذا المعنى، فإنّ شرف الدين سيزور دمشق الأحد أو الاثنين المقبلين من دون التشاور مع رئيس الحكومة، الا انه حصل في المقابل على تفويض من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي التقاه امس. وتفيد المعلومات انّ عون قال لوزير المهجرين بعدما شرح له ورقة العمل التي سيحملها معه الى دمشق: «أنا حدك وادعمك، الله يسهل.. ما تفعله هو اساسي وما تريده انا جاهز لتلبيته».
وقد عرض شرف الدين على عون تشكيل لجنة رباعية لمواكبة متطلبات تطبيق خطة العودة تضمّ ممثلين عن رئيسي الجمهورية والحكومة والامن العام والجيش. ومن المقرر ان يلتقي شرف الدين وزير الادارة المحلية السوري حسين مخلوف خلال زيارته القريبة جداً لدمشق، حيث سيناقش معه تفاصيل الخطة المقترحة لعودة متدرّجة ومُستلزمات تنفيذها من الطرفين اللبناني والسوري، وسيقترح أيضاً تشكيل لجنة مشتركة بغية التنسيق والتواصل